الخميس، 29 ديسمبر 2011

رسالة من بلاد الواق الواق 1-2


رسالة من بلاد الواق الواق "1 – 2"
12/02/2006

لا شك أن الإنسان يظل في هذه الحياة  الدنيا دائماً تواق إلى كل ماهو جميل ورائع ومميز، ويسعى باستمرار إلى تلبية حاجاته، وإشباع رغباته، وتحقيق طموحاته العريضة، وأماله المنشودة، ويعمل في سبيل ذلك بكل جد واجتهاد دون ملل أو كلل ي سبيل تحقيق ما يصبوا إليه تهون العقبات ويتجاوز الصعاب متسلحاً بقوة الإيمان وهي الأساس في كل شيء والعزيمة والأمل لأنه روح هذه الحياة وقيل "لا حياة بدون أمل ولا أمل بدون عمل" .
ولكن النفس البشرية الضعيفة التي جبلت على حب الدنيا، والفزع والجزع مما تتعرض له حيث قال تعالى (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا) قد يعتريها في بعض الأوقات التأزم والسخط والاستهجان لما يدور من حولها وما يعترض مسيرتها ويجعلها تفكر في الهروب من هذا الواقع المرير حتى إذا كان ذلك الهروب إلى المجهول .
أحبتي وأصدقائي وبعض من أعدائي دائماً النجاح يأتي بعد السقوط والإبداع يخرج من رحم الظلم والقهر ..والنبوغ عدوه اللدود في كل الأوقات التخلف والعنجهية ..ولكل فعل له ردة فعل ..وكل نتيجة جميلة تأتي بعد معاناة ومواقف غير سعيدة ..فما بعد (الوداع إلا اللقاء) ولا بعد (الضيقة الفرج) ولا (عكس النرجسية إلا الكرماء) ونحن بل هم جميعاً كرماء والكل يتبع طريقة مختلفة عن الآخر بالكرم .
أعزائي القراء لا أريد أن أطيل عليكم في مقدمة مقالي اليوم الذي تترنح بل تتراقص كل حروفه بدون طبول أو أدوات موسيقية ولا له من المعرفة بها أو فهمها أي شيء، ولكنه حسب رسالة صديقي التي وصلتني على البريد الألكتروني والتي طلب مني أن أناقشها معه والرد عليها بعد نشرها ..والتي سأستعرضها معك أيها القارئ العزيز لكي تشاركني بالبحث عن حل لمشكلة هذا الصديق .. فتعالوا معي لنسمع جميعاً قصة صديقنا المرسلة من بلاده (واق الواق) فرسالته تقول :

أخي الكاتب/ تركي بن بندر
صحيفة "الحقائق" اللندنية.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،،
أرسل لك رسالتي وقصتي هذه بكل تفاصيلها التي وقعت لي بكل أمانة وصدق وأشهد الله على ذلك..وأستطيع أن أثبت لك ولقرائك المحبين والكارهين بالدلائل والبراهين وحتى الشهود والمطلعين على صحة كل حرف وكلمة أقولها وأخطها اليوم لك ..فأنا بعد متابعتي لك ولكتاباتك ..كلي شغف أن التقيك لأصفع بيدي بكل قوة يدك وأقبل جبينك – أرجو معذرتي عنذلك يا صديقي – وأضم بيدي على راحتيك وأناملك .. لأنك أحرجت الكتاب القدماء والجدد والذي أتمنى أن يعوا ماهي الأمانة الإعلامية فأسمها في بلادنا (واق الواق) ليس (السلطة الرابعة) بل هي (السلطة الأولى) فنحن في بلاد (واق الواق) قمنا منذ زمن بتصحيح وتغيير توزيع السلطات ووجدنا أن الإعلام هو (السلطة الأولى) ..أيها الكاتب/ تركي بن بندر قرأت مقالاتك في كتابك (هذه هي حقيقتنا) عن الإعلام ودوره لذا أعتقد أنك تتفق معي أنه في سابق الزمان كانت تدار المعارك وتتصالح الأمم و القبائل برسالة أو قصيدة واليوم كل شيء من مصالح وأعمال ومناصب وغيرها لا بد لها من (إعلام) ليصل أصحابها إلى مبتغاهم لذا لجأت إليكم وللإعلام لأعلن عن قصتي بصدق وسأبدأ بتعريفك بهويتي الشخصية :
الأسم : واق بن ذكر الواقواقي
العمر : 43 ألف سنة واقواقية
البلد : واق الواق  المدينة : مثلث برمودا – شارع ؟؟؟؟
العينين : زحلية .
اللون : مائي .
بدايتي هي : ولدت وترعرعت في مدارس علمتني الكثير والكثير من المبادئ والأخلاق والقيم الواقواقية ..فهمت منذ طفولتي أن الحكام هم الشعب كما أن الشعب هم الحكام ..درست أنا وإخواني وأخواتي في كل مراحل الطفولة والنضج احترام أبناء بلدنا وحبهم وتقديرهم والتواضع والتسامح معهم ..قرأت الكثير عن تاريخنا وعن تضحيات أجدادنا الواق واقية في تحقيق العدل والسلام والأمان والأستقرار لأهل مملكتنا الواق واقية .. درست في كل المراحل الدراسية أهمية النظام والعمل به والأنصياع للقوانين وأن من واجب وطننا (واق الواق) علينا أن نحاسب من يخالفه وأعتدى عليه وأن لا نقبل وقوع الظلم بيننا ..قرأت كثيراً وكثيراً في القرآن وتفاسيره وحفظت جزءاً مهم من الأحاديث والتشريعات والأستنباطات التي تهدف إليه .
في طفولتي كل شيئا كان وردياً جميلاً في بلادي (واق الواق) السهول الخضراء والأنهار والأودية وحتى تنظيم المدن وتوصيل الخدمات والبنية التحتية ..طلب مني أحد أبناء عمومتي أن أذهب معه إلى إحدى السهول الخضراء الجميلة لكي نستمتع بمشاهدة "البعارين" (الجمال) وهي تغرد في الصباح الباكر ونرى صغار الخراف وهي ترفرف بجناحيها لتعلق رحيق الورود والأزهار ..ما أحلى الطفولة في بلاد (واق الواق) .
كنت منذ ولادتي أعاني من أصابة لذا عولجت في بلاد مجاورة متقدمة طبياً بكل شيء ..لكن المدرسين والأساتذة والعلماء في بلادي (واق الواق) كانوا يرددون عندما أسألهم لماذا أذهب هناك للعلاج ؟! هل لأنهم متقدمين ومتفوقين علينا في كل شيء كانوا يقولون لي هم مجرد مظاهر لا تغرك حياتهم فهم حطب النار لا يوجد لديهم "رحمة" ولا "عدالة" ؟! ألم تسمع بحالات الأنتحار عندهم ..؟! ألم تقرأ أن البنت لا تتعرف على والديها وتخرج مع من تشاء ؟! والأبن يقتل أباه ويشرب الخمر ويعاقر النساء ؟! والأخ يظلم أخاه والعم أو الخال يستبيح حرمات أقاربه ..؟!
كانوا يقولون لي نحن في بلاد (واق الواق) الأفضل والأحسن ونحن الحضارة وهم قشورها ..أذكر أن أحدهم كان يريد أن يبسط لي التفسير لصغر سني فقال : هم مثل (البالون) سريع النفخ ولكن من السهل برأس دبوس صغير أن تنهيهم .
كنت أهز رأسي أمامهم  موافقاً ما يقولون فالصغير في بلاد (واق الواق) لا يحق له الرد والتعليق على قول الكبار فمن يرد يتهم بالوقاحة وقلت الأدب ؟! ..لكنني أصدقك القول لم أكن مقتنعاً بما يقولون ..فحين كنت أتعالج في ذلك المستشفى الكبير كان الجميع يؤدي عمله بإخلاص وإتقان واحترام من أطباء وجراحين ومنظفين وممرضات كانت تعلوا وجوه الجميع الأبتسامة، المرضى المجاورين لي كانوا يسألون عن صحتي يومياً صباح مساء ويبتسمون لي، وعندما خرجت من المستشفى تواصلوا معي بالرسائل التي يكتبون فيها كل شيء عن حياتهم ..وأثناء علاجي وتمارين التأهيل بعد العملية تعرفت على كثير من خصائص مجتمعاتهم وقرأت صحفهم وشاهدت في إعلامهم يحاكمون رئيس إحدى الدول المجاورة لهم لأنه تحرش بموظفة متدربة وعندما سألت نفسي إذا لديهم "قانون" و "قضاءّ و "عدالة" ولديهم عاطفة ومحبة وإلا كيف يتقدمون وتصل بهم الأمور محاسبة أكبر مسؤول، وإلا لماذا يكتبون القصائد ويغنون الأغاني ؟!!
قلت في نفسي يا (واق) لا علينا منهم ردد وراء الآخرين في بلادك هم كفرة وحطب النار ..؟! لا عليك أيضاً يا (واق) كن ذكياً وشاطرا عليك أن تلعبها (صح) لتزايد على الجميع وتقول : هم كفرة وحطب النار ووقوده أيضاً .."فكنت أرددها كل صباح ومساء" (كفرة، حطب النار ووقوده) .
المهم أنني كبرت وعند بلوغي السن المناسب قلت في نفسي سأجعل من نفسي فداءاً لبلدي (واق الواق) فأنا (إبن الوقاوقة) عار وعيب أن لا أكون في مقدمة صف المدافعين والمناضلين عن وطننا (الواق واقي)  .. فنحن في مملكتنا الخدمة العسكرية تعتبر واجباً إلزامياً لأن قادتنا يخشون الأحتلال أو الأستعباد فكل مسئول لدينا له حراساته وجيشه وقواته الخاصة ..ولكن غالبية أبناء العز في بلادي (واق الواق) يتوسط لهم آباءهم فيعفونهم من الخدمة العسكرية والإلزامية ..سمعت قصة غريبة أن واحداً من أولاد (العز) في بلادي قد أدخل أحد أبناء الغير (عز) بعد أن زور أوراقه ليكون بديلاً عنه طوال فترة التدريب والخدمة العسكرية حتى جاء يوم التخرج ظهر ولد (العز) ليستلم جائزة الحفل لأن ترتيبه كان الأول ..لم أصدق هذه القصة فالإشاعات كثيرة في بلادنا (واق الواق) ..لكنها بقيت عالقة في رأسي لذا حين دخلت إلى الخدمة الإلزامية قلت لنفسي لا بد أن أصدق معها فكنت ذلك الجندي الصلب في الميدان حتى تخرجت لكنني لم أستلم جائزة ..بل حصلت على أكبر من كل الجوائز والأوسمة ..حصلت على محبة زملائي وصداقتهم وقناعتهم بكفاءتي ..حتى أن أخي الأكبر بعد أن أقام لي تلك الوليمة أنا وزملائي الخريجين كنت حريصاً أن يشعروا أن الحفل لهم وأنني آخر واحد يحتفى به في ذلك التكريم .
كان التعيين ومقر العمل إحدى الجبهات الساخنة لبلادي (واق الواق) وكنت فخوراً بذلك مع العلم أن أحد زملائي الخريجين قال لي قصة غريبة أن أحد زملاءنا المتخلفين دراسياً والكثير غياب في الخدمة ..أبوه تاجر صديقه "شهبندر التجار" وأنهم يسهرون الليالي الحمراء والخضراء والصفراء لدى "الشهبندر" وإنه طلب من ذلك المسئول أن يعين زميلنا قائداً لحرس "الشهبندر" وأن ذلك المسئول فعلاً عين زميلنا في ذلك المنصب ..
صدقوني لم أصدق هذه القصة فالإشاعات كثيرة في بلادنا (الواق واق) .
أسمعوا ما يقول الناس في مجالسهم المغلقة ودواوينهم الخاصة في بلادي (واق الواق) عن الواسطة والمسئولين مثلاُ : أن المسئول لا يتوسط إلا لمن أهله لهم تقدير خاص لديه ..سألتهم وما علاقة الأهل قالوا لي : ويحك أيها الساذج النساء مفتاح كل رجال مسئول ..قالوا لي أن الأمور وصلت لدى بعض المسئولين أنه توسط لأزواج بناته ولم يتوسط لأبناءه ..وقالوا لدى المسئولين لا يهم إن كان قريباً أو بعيداً المهم أنه متزوج من أخوات أو بنات ذلك المسئول ..فالقريب يقترب أكثر من المسئول إذا كان كذلك ويكون معطاء جيداً له في كل ما يريد ويشتهي حتى مع جماعته وأقاربه الأربعة والقبيلة أجمع ؟؟ أما إذا لم يكن متزوجاً من المسئول فلو كان من عائلة هذا المسئول ..وكان أيضاً الأكفاء والأجدر والأقدر فسيبعدونه المسئولين ويحاربونه ويعين عليه رقيب متخصص في قهره وإهانة وتحقيره بكل السبل المتاحة حتى يركع ويخنع ..أما البعيد إن كان لديه مواصفات تأهيليه خاصة تشعر المسئول بإمكانية الزواج من إحدى بناته أو أخواته أو حتى قريباته أو حتى كتمان أسراره على إحتفالاته ومناسباته ومنفذاً لرغبات المسئول ..فطناً لما يحبه المسئول فيعين قريباً جداً وقد يداوم بالمكاتب ويعطى الأوسمة وا لشهادات بزمن قصير حسب براعته بكل عطلة  أسبوعية وعطائه وجهدة المتميز بالاستراحات والجلسات الاستجمامية ..كما أنه يحظى بالسفرات والمهمات الصيفية لإيجاد اللحوم الطرية والأوجه الجديدة واصطياد أنواع نادرة من ما يشتهيه المسئولين ليكتمل استجمامهم ..
صدقوني لم أصدقها فالإشاعات كثيرة في بلادي (واق الواق).
أحببت يا صديقي ..أن أعطيك نبذه عن بلادي (واق الواق) .
أما معاناتي أنا فهي كالتالي :
لقد ولدت لأبوين مسلمين في بلاد ينص دستورها على احترام كل الأديان والأعتراف بكل المذاهب ..لكن أهلها تغيروا أو غيروا – لا أعلم – أصبحوا يحبون عبادة العبد "المخلوق" ..أتذكر قصة الطاغية "فرعون" لولا أنها نزلت في القرآن وقرأتها في القرآن الكريم لم أصدقها ..ولكن بعد أن تغير المجتمع الواقي وتحولوا شاهدت بأم عيني ألف فرعون وفرعون .
ولكن بعد ما حدث للناس هنا في بلادي (واق الواق) من تغير أصبحوا من الطمع والجشع أو الخوف أو جميعها معاً ..يعبدون على طريقتهم أشخاص مثلنا لا حول له ولا قوة لهم لأن هؤلاء لديهم المال والسلطة والنفوذ ..فهؤلاء يعتقدون أنهم بالمال والسلطة والنفوذ والرشاوي يملكون أرواح الآخرين ومصائر البقية الباقية ..قال لي أحد أخواني الذين يكتمون إسلامهم أنه عمل لدى أحدهم "قهوجياً" ومرة من المرات وجد الباب مفتوحاً وشاهد في المجلس ساحر يمارس الشعوذة يطلب من عمه أن يعمل له حجاب لكي يحبه الناس ويعبده أكثر عدد منهم ..ويقول مره سمعته يوصي في اجتماع أبناءه ويقول لهم استخدموا الأديان الأخرى لإخضاع ومحاسبة الجميع حتى لو كانوا من جماعتي وأقاربي الذين أسلموا ..
كان صديقي يرجف من الخوف وهو لا يروي لي تلك القصة لأن الواحد عندما يكتشف أمره يعدم بعد أن يحكم عليه بتهمة الخيانة، وعدم الولاء والوفاء لبلاده (واق الواق) ..
فنحن بعد أن آمنا بالله رب العالمين رفضنا عبادة المخلوق وتوجهنا إلى الخالق ..لم نعد نستطيع وتأبى كرامتنا أننجامل في ديننا وكرامتنا وأن نلبس ثوب العبودية وما لبسه الآخرين ..أننا نعاني الأمرين فإما أن نترك ديننا وكرامتنا وعزتنا أو أن نعدم ونقطع أوصالاً تحت أي تهمة كانت .
وأخيراً أخي/ تركي بن بندر ..
إن هذا ما شدني لأكتب لك لأوضح ما تنعم به أنت من أمن وطمأنينة .. لم أذق طعمها أو أسعد بها في بلادي (واق الواق) ..وأنا لم أتكلم لك عن ربع ما حصل لي ويحصل من ظلم وتسلط وأعتداء ومع ذلك لازلت صابراً محتسباً عند الله كل مواقفي ..فقد قلت كلمة حق ذات مره ..ولم أخنع أو أرضخ قأقاموا الدنيا وأقعدوها وحاربوني وحاربوا أهلي وأصدقائي ولفقوا التهم والأباطيل ..وتعدوا ذلك إلى أن مات من مات في سجونهم قهراً وحسرة ..
لقد عرفت من هم "الكفرة وحطب النار ووقوده" ولقد رأيت "عدالتهم" و"أخلاقهم الفاضلة" .. آلاف السنين مضت من عمري وأنا أردد نحن الأفضل والأحسن والأعدل ذهبت هباءً منبثا .
أضع رسالتي هذه بين يديك أبحث عن حل ..ها أنا أعرض عليك معاناتي فهل لتساعدني أرجوك أن لا تتجاهل رسالتي هذه مثل بقية من كتبت لهم ..أنا بإنتظار ردك ..وشكراً لك ؟!
انتهت الرسالة.
أيها القارئ بعد أن عرضت عليك رسالة صديقي (واق بن ذكر الواقي)..
أدعوا الله أن يرفع عنه ما هو فيه وأنا أوعد الجميع أنني سأرد عليك (يا واق بن ذكر الواق واقي) في مقالي الأسبوع القادم إن شاء الله .

وللحديث بقية ..