السبت، 4 أغسطس 2012

الظلم ظلمات يوم القيامة 3-3


الظلم ظلمات يوم القيامة 3-3

(المسلم والمؤمن لا يشرك بالله، ولا يؤمن بغير الله وحده وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره)

  بعد أن تناولت في الحلقتين السابقتين الظلم ومخاطرة على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة، وأسبابه، وأنواعه، وطرق علاجه نريد أن نختتم هذا الموضوع بتقديم المزيد من الايضاحات حول هذا الجرم المشين (الظلم) حتى تعم الفائدة المرجوة بما يؤدي إلى تدارك الجميع لخطورة الظلم الذي حذرنا منه الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا).
  ولعل تناولي لهذا الإثم المبين وتخصيص ثلاث حلقات له يأتي من شدة خطورته، وسرعة انتشاره بين الناس لأن النفس البشرية طبعت وجبلت على (الظلم) فالإنسان لو ترك لغرائزه وأهوائه (جار وظلم) بدون شك فا الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان من عدم يعلم ذلك حين قال :(إن الإنسان لظلوم كفار)، وقال كذلك :(إنه كان ظلوماً جهول) حقيقة أن النفس البشرية تميل إلى الظلم وحتى أن الإنسان يميل إلى ظلم نفسه حيث قال تعالى (فمنهم ظالم لنفسه) .
  والظلم من شيم النفوس ولو ترك الناس لأهوائهم وأنانيتهم ظلموا وبغوا في الأرض، ولولا رسالات السماء ولولا الإيمان الذي يعصم الناس من الظلم ويدعوهم إلى العدل والقسط بين بعضهم بعضاً لفسدت الأرض بالظلم ولكن نحمد الله كثيراً أن جاء بالديانات السماوية جميعها وبالإسلام رحمة وعدلاً داعياً البشرية للعدل وناهياً لها عن الظلم والبغي والعدوان.
  ولقد رأينا أن الناس في الجاهلية كيف كانوا يتفاخرون بأنهم يظلمون، وكذلك كل الجاهليات حيث نقل لنا التاريخ حياتهم الصاخبة والمليئة بالظلم ولا نصرة فيها ولا عدل حيث صور لنا زهير بن أبي سلمى في معلقته والتي كان يعدها العرب من معلقات الحكمة ذلك الواقع المرير حيث قال :
ومن لم يذد في حوضه يهدم
                              ومن لم يظلم الناس يظلم
كما قال عمرو بن كلثوم كذلك في معلقته الشهيرة:
لنا الدنيا ومن أمسى عليها
                            ونبطش حين نبطش قادرين
فكانوا يتفاخرون بالظلم، ويتفاخرون فيما بينهم ذلك ويعدونه من الشجاعة والبسالة في الإقدام بأن تظلم أخاك وتأخذ حقه بالقوة، وهكذا كان حال البشرية تجد الضعفاء فيها ضائعين ومهضومة حقوقهم وتدوسهم أقدام الأقوياء والفقراء تأكلهم براثن الأغنياء، والمحكومون يفترسهم الحكام، وهكذا كان العالم يحكمه مبدأ القوة حتى جاء فجر الإسلام الناصح ليحرم المظالم كلها، ويعلن في الناس ما قاله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه في الحديث القدسي :(يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، ويقول ربنا عز وجل وعلا :(ن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون) وهنا تكمن العظمة الإلهية في ضرورة نبذ هذا الظلم والابتعاد عنه فا الله سبحانه وتعالى مع قدرته وملكوته الذي لا يحد حد حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً على عباده.
  ولكن للأسف رغم ذلك التحذير يقدم الإنسان الجاهل الظلوم على ارتكاب هذا الإثم العظيم دون إدراك لعواقبة الوخيمة المتمثلة في خراب الديار وفساد الأحوال، فا الله تعالى يقول (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) ويقول كذلك (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا). فالظلم يخرب الديار وهو سبب الهلاك والدمار.
  وعلى الظالمين أن يعلموا كذلك بأن إمهال الله لهم وتركهم في الاستمرار بالظلم ليس عن رضى منه سبحانه وتعالى، بل إن الله يمد لهم في آجالهم وأرزاقهم، فقط حتى إذا أخذهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر، ليس ذلك فحسب بل إن الله ربما أمد للظالم في رزقه، وأطال له في أجله، ليس رحمة به ولا رضى بما يصنع إنما مكر بهم واستدراج لهم، وربما كلما زادوا في الظلم زاد لهم في العطاء، حتى تأتي النقمة فتباغتهم وتأخذهم من حيث لا يحتسبون، فا الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم :(فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون).
  ولعل من أولى مراتب  الظلم وهو ظلم الإنسان لنفسه، بأن يتركها ترتكب المعاصي، وتتمرد على خالقها ويليه الظلم في محيط الأسرة، بأن يظلم الإبن أباه أو أمة بأن يعقهما، أو أن يظلم الأب أو الأم أبناءهما، أو ظلم الأخ لأخيه ثم الظلم في محيط المجتمع، كظلم أرباب العمل للعمال، أو ظلم القوي للضعيف، ومن آثار هذا الظلم، أن يذهب بالبركة ويفتت القوى ويوهن أواصر المعرفة، ومن أشد أنواع الظلم، هو ظلم القوي للضعيف، لأن الله سبحانه وتعالى يقول، في الحديث القدسي :(اشتد غضبي على من ظلم ولم يجد له ناصراً غيري) وإذا كثرت المظالم في أي بقعة من الأرض وقع بها عقاب الله وغضبه.
  ومن أشد أنواع الظلم كذلك هو ظلم القاضي للمتحاكمين إليه لأن من المفترض في القاضي العدل ومخافة الله أثناء النظر في أي قضية تعرض أمامه وأن يحكم حسب شرع الله والحق لا حسب الهوى ولا حسب مكانة المتحاكمين من القاضي أو من يعلوه في المكانة مهما كانت لأن الله يراقبه وهو يقوم بالواجب العظيم والهام والحساس في المجتمع لأن عبره يتم بسط العدل وتحقيق الأمن والاستقرار بين الناس استجابة لقوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيرا) سورة النساء الآية : 58.
  ونعلم أن المسلم ليس عليه ألا يظلم فحسب بل عليه كذلك ألا يعين على الظلم،لأن معين الظالم ظالم فمن عاون ظالماً غير مكره فهو شريك له في الإثم، وعليه كذلك ألا يركن إلى ظالم مهما كبرت مكانته وعلا شأنه، أي لا يكون مع الظالم، وأن يستنكر عليه ظلمه، لأنه منكر ويجب على المسلم أن يسعى في تغييره وتعديله ما أمكن ذلك ولو بقلبه، لأن الله يأخذ ويعذب الظالم والمعين له على الظلم وقد قص لنا القرآن الكريم ذلك عن فرعون وجنوده في قول الله تعالى (فأخذناه وجنوده فنبذناهما في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) فهذا كان جزاء فرعون والجنود الذين أعانوه على الظلم.
  ومن حق المسلم على المسلم أن يمنعه من الظلم، وأن ينصره على نفسه والشيطان كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً، قال تأخذ فوق يديه، فذلك نصرك أياه.
  ومن حق المظلوم أن يرد الظالم بما يقدر عليه فا الله تعالى يقول:(والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) ومنم حق المظلوم كذلك أن يلجأ إلى الأقوياء ليردوا عنه الظلم، فإن لم يجد من ينصره من أهل ا لأرض فمن حقه أن يلجأ إلى أقوى الأقوياء، الله سبحانه وتعالى، ورسولنا الكريم يبشره فيقول صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ترد دعوتهم :(الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم . فالله يرفع دعوة المظلوم فوق السماء ويفتح لها أبواب السماء، ويقول وعزتي وجلال لأنصرنك ولو بعد حين).
  وإزاء ما تقدم أدعوا الجميع إلى الحذر من الظلم، وأن يخاف كل ظالم جبار الله سبحانه وتعالى وعليه أن يتذكر أن باب الله مفتوح فمن ظلم، عليه أن يلجأ إلى الله ويستغفره ويتوب إليه، وقد وعد ربنا عباده بأنه يغفر الذنوب جميعاً امتثالاً لقوله تعالى (إن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به) فيا لها من عظمة للإسلام وتعاليمه السمحاء وقيمه النبيلة ومبادئه السامية لان دين رحمه وتراحم وحب وتعاون وتضامن يبشر الله فيه الناس بالجنة رغم ما ارتكبوه من معاصي وما اقترفوه من ذنوب فا الله يغفر الذنوب حتى لا ييأس عباده من روحه ورحمته، ولا يتمادوا في غيهم وضلالهم وظلمهم لأنفسهم والناس أجمعين.
  ختاماً أحببت في هذا الشهر الفضيل أن أدعوا نفسي أولاً ثم أدعوكم جميعاً إلى أن نستغل فرصة الرحمة والمغفرة والتوبة..أن نأخذ وقفة في مشوار العمر وسنينه لمراجعة الذات وتصرفاتها ومحاسبتها إن كانت ظلمت أو تعدت على حقوق أي إنسان كائن من كان..علينا أن لا نكابر ولا يأخذنا الغرور والغطرسة والاستعلاء على البشر لنمارس  الظلم بأي شكل من الأشكال تحت أي ذريعة كانت أو مبرر فالظلم يبقى ظلم ليس له سوى وجه واحد شاحب أسود..وأسم واحد، كما أنه ليس له ما يبرره مهما كان..إني أدعوكم أخي في الله صغيراً كنت أم كبيرا إلى مراجعة النفس ومحاسبتها وعدم الغفلة والاعتقاد بطول الأمل وأنك مخلد في هذه الحياة تظلم هذا وتجرم في حق ذاك فو الله دعوة من مظلوم في أناء الليل عليك أيها الظالم لا تكلفه سوى أن يرفع يديه إلى الله وهو محروق القلب لتكون نكبتك على يديه التي احتقرتها واستضعفتها وتعاليت عليها وعلى صاحبه لتدفع ثمن ظلمك إما في نفسك أو مالك أو أهلك وطوال حياتك أيها المسكين ..ثمنك مجرد رفعة المظلوم يديه إلى السماء فلا جاهك ولا سلطانك يستطيعان أن يقفاها وهي مسرعة لتطرق أبواب السماء..لتكون الحياة بعد ذلك جحيماً وبؤساً فكم من طاغية ومستبد شاهدنا كيف فعلت به الأيام والسنين وتحول إلى بضاعة رخيصة أهله قبل الغرباء يدعون عليه بالموت والراحة والخلاص من ذنوبه وآثامه وأمراضه التي حرمته وحرمت أهله وناسه الراحة ولذة النوم..عد إلى الله أيها الظالم فو الله أنك ستدفع ثمن ظلمك ومؤامرتك وجرائمك مرتين في الدنيا ومن ثم الآخرة.
  أيها الإخوة القراء..يشهد الله إني أخاف من نفسي على نفسي..وإنني أشعر بتقصيري تجاه نفسي من محاسبتي لها ومراجعتي لها خوفاً عليها من أن تأخذها الدنيا وتنجر للذاتها فيقسوا القلب ويضعف الإيمان فتطمع وتجشع فتستبد وتظلم فيا لهفي على نفسي ويا ويحي من نفسي.
  أيها الإخوة..إنني أحببت من خلال هذه الحلقات الثلاث حبا بكم وخوفاً عليكمأن أعظكم بما أوتيت من العلم وما أوتيت إلا القليل القليل.. أحببت أن أناصحكم وأنا المقصر المقل في مناصحة نفسي بعدم (الظلم) والنفس امارة بالسوء..كما أنني أعترف لكم أنني مهما كتبت في هذا الموضوع فلن تكفيني أوراق وصحف الكون كله من هول ما رأيت وشعرت ولمست وسمعت وشاهدت في هذا الزمن الغابر الذي استشرى به الظلم وتفشى..في هذا الزمن الصعب، الذي نمر فيه بمنعطف خطير، وتحديات كبرى أفسدت فيه النفوس إلا من رحم ربي وأنشغل فيه الجميع بحب الدنيا حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوها كما تنافسها اللذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم) صدقت يا رسول الله ومصطفى خلقه بأبي أنت وأمي ففي هذا الزمن انتشر فيه الظلم والطغيان وساد فيه الطمع والفساد وضاعت فيه الحقوق والواجبات لم يعد هناك بصيص لنور العدل وبياض الحق.
  إيها الأخ المظلوم..لا تقلق أيها الحبيب..فو الله إن الله لا يقبل لك ما وقع عليك من ظلم وأن حقك محفوظ فأجتهد بالدعاء وسترى بأم عينك كيف يكون العقاب لمن ظلمك على يد الجبار سيكون إحقاق حقك ورد اعتبارك..فيكفيك أن دعوتك ليس بينها وبين خالق الخلق ومدبر السماء أي حجاب فلا تقلق وأطمئن..ونم قرير العين فا الله رءوف رحم بك.
  أما أنت أيها الظالم..أقول لك أن باب التوبة مفتوح على مصراعيه فأستغل الوقت والفرصة ودع عنك المكابرة عد إلى الله وأعترف بخطئك وبادر بإصلاحه ولا تغتر بنفسك فثمن ظلمك سيكون وبالاً عليك فلا تدمر حياتك وحياة أهلك وأبناءك.. أقولها نصيحة أفعلها من أجلك ومن أجل أهلك وناسك لا لا تدعها تفلت منك وحينها لا ينفع الندم إذا أصابتك الدعوة وحلت عليك أيها المسكين الضعيف.
  وأخيراً اسأل الله العلي القدير ببركة هذا الشهر الفضيل والعشر الأواخر أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام وصالح الأعمال وأن يهدينا إلى سبل الرشاد وأن يكفينا شر الظلم والظالمين وأن يحفظ ديننا الذي هو عصمة أمرنا من كل مكروه..اللهم إني كتبت خالصاً لوجهك الكريم..اللهم فأشهد يارب العالمين..

تركي بن بندر
13/10/2006 

السبت، 28 يوليو 2012

الظلم ظلمات يوم القيامة 2-3


الظلم ظلمات يوم القيامة 2-3

(المسلم والمؤمن لا يشرك بالله، ولا يؤمن بغير الله وحده وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره)

  لقد تناولنا في الحلقة السابقة خطورة الظلم على المجتمع وذكرنا العديد من الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية المطهرة، والأقوال المأثورة التي يتبين لنا جلياً عدالة الإسلام الناصعة التي تذم (الظلم) لا سيما (ظلم) الإنسان لغيره من العباد والمخلوقات حيث قال الله سبحانه وتعالى فيما رواه رسول الله الكريم في الحديث القدسي (يا عبادي! اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا) وقال تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا) الآية 59 سورة الكهف، وقال سبحانه (مَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) الآية 76 سورة الزخرف، وقال:( وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الآية 57 سورة آل عمران .
  وديننا الإسلامي الحنيف سعى من خلال تعاليمه القيمة وتشريعاته الناصحة إلى تهذيب المجتمع وحذرنا من الظلم وعواقبه الوخيمة لأنه يجلب غضب الرب سبحانه وتعالى ويتسبب في شتى أنواع العذاب وهو يخرب الديار، وبسببه تنهار الدول، و (الظالم) يحرم شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع أنواعها يوم القيامة وهو بذلك يخسر الدنيا والآخرة جراء ظلمه للآخرين .
  فالظلم قبيح من كل الناس ولكن قبحه أشد وعاقبته أضر إذا صدر من المسئولين وولاة الأمر ومن أوكلت لهم أمانة المسئولية، حيث يصعب رفعه عنهم وإزالته منهم، لما لهم من سلطة وصلاحيات وسطوة، ولأن من أهم حقوق الرعية على الرعاة دفع الظلم عنهم، وحماية الضعفاء من جور الأقوياء، ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه عندما ولي الخلافة :"الضعيف منكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه" لأن ظلم ولاة الأمر يجرئ على أتباعهم وأعوانهم وحاشيتهم على الظلم ويدفعهم إليه دفعاً وتتمثل خطورته لما لهم من السلطة والمكانة والحظوة واستغلال النفوذ.
  وذكر في الأثر أن ظلم هؤلاء يجلب القحط والعدم ونزع البركات في كل شيء ومحق في الأقوات والثمرات والأوقات وأن عدلهم يبسط الأمن والبركة  في الأرزاق والأقوات والأوقات ومن هنا تكمن أهمية أن يتحرى حكام الأمة الإسلامية العدل وأن يعوا ذلك ويفهموه وفقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية الصحيحة والصريحة والسيرة المضيئة للنبي صلى الله عليه وسلم التي سلكها الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون من بعده من هذه الأمة في عصور الإسلام المختلفة، حيث كان العدل رائدهم والإنصاف مقصدهم بل لم يكن عدلهم قاصراً على المسلمين فحسب بل شمل أهل الذمة والمعاهدين ونحوهم .
  وما أحوجنا في عالم اليوم إلى العدل الذي به قامت السموات والأرض، وبالعدل يصلح الراعي والرعية، وبالعدل تسعد البشرية وتأمن الرعية ولكن للأسف نجد بينما اليوم بعض الحكام المسلمين ينالون من بعض إخوانهم المسلمين مالم ينله منهم الكفار المعاندون، بل إن بعض المسلمين حرموا من أوطانهم وأولادهم ولم يجدوا مأوى لهم إلا في ديار الكفار بسبب الظلم الذي استشرى في المجتمع.
  فيعلم كل ظالم أن كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وعرضه، وماله، ولا ينبغي للسلاطين ولا لغيرهم من أتباعهم أن ينالوا من ذلك شيئاً إلا بحق الإسلام حيث روى عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه الله من سبع أرضين" وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد" .
  فليحذر الجميع حاكماً أو محكومين من الظلم، والغش، والتعدي على حقوق الآخرين، ويعلموا أنه لن تزول قدما بني آدم يوم القيامة حتى يقتص منك، فإن دعتك قدرتك اليوم وسطوتك على ظلم الآخرين فتذكر قدرة الله عليك يوم القيامة.
  فيعلم الجميع أن للظلم أسباب عديدة من أولها: الشيطان حيث قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) الآية 208 سورة البقرة، وقال :( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) الآية 19 سورة المجادلة.
  ومن أسباب الظلم كذلك النفس الأمارة بالسوء حيث قال تعالى:( إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) الآية 53 سورة يوسف، والهوى الذي حذر منه الله تعالى قوله :( فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ) الآية 135 سورة النساء، وقال سبحانه :( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) الآية 40-41 سورة النازعات، وقال جل وعلا :( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) الآية 28 سورة الكهف، والآيات كثيرة في هذا الباب.
  وبعد أن تطرقنا إلى الظلم وأنواعه ومضاره وأسبابه علينا أن نتسلح ببعض الأسباب التي تعين على ترك الظلم وتعالجه ونجملها في الآتي :
1/ تذكر تنزه الله عز وجل عن الظلم في قوله تعالى :( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) الآية 46 سورة فصلت، وقال سبحانه :( وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ) الآية 108 سورة آل عمران.

2/ النظر في سوء عاقبة الظالمين : قال تعالى :( وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) الآية 71-72 سورة مريم، وقال سبحانه :( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) الآية 117 سورة هود، وقال :( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) الآية 47 سورة الأنعام.

3/ عدم اليأس من رحمة الله، قال تعالى :( إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) الآية 87 سورة يوسف، وعن صفوان بن محرز قال: قال رجل لأبن عمر رضي الله عنهما : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ قال : سمعته يقول: "يدنو المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأني أغفرها لك اليوم، فيعطي صحيفة حسناته، وأما الكافر والمنافق فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء كذبوا على الله" (رواه مسلم) .

4/ استحضار مشهد فصل القضاء يوم القيامة، قال تعالى :( وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ) الآية 69-70 سورة الزمر.

5/ الذكر والاستغفار : قال تعالى :( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الآية 135 سورة آل عمران .

6/ كف النفس عن الظلم ورد الحقوق لأصحابها : فالتوبة النصوح أن يندم الإنسان بالقلب ويقلع بالجوارح، وأن يستغفر باللسان، ويسعى في إعطاء كل ذي حق حقه، فمن كانت لأخيه عنده مظلمة، من مال أو عرض، فليتحلل منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات، كما صح بذلك الخبر.

  ورغم ظلم الإنسان لنفسه إلا أن الله بخلقه غفور رحيم فلذلك رغم جرم الظلم الفظيع وفعله الشنيع وأثره القبيح على الفرد والمجتمع إلا أن الله تعالى بكرمه ورأفته بخلقه لقد جعل باب التوبة من الظلم وغيره مفتوحاً حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) وإن الله عز وجل يقبل توبة العبد مالم يغرغر.
  ولكن حددت شروط لتقبل التوبة بأربعة شروط: هي "الإقلاع عن الذنب" و"الندم على ما فات" و "العزم على أن لا يعود" و "إرجاع الحقوق إلى أهلها من مال وغيره" . ولذلك نسأل أن يجنبنا وجميع إخواننا المسلمين الظلم، وأن يوفقنا للعدل والإنصاف، في الشدة والرخاء والرضا والغضب، وأن يصلح الجميع الرعاة والرعية، وأن يؤمن المسلمين في أو طانهم، وأن يقيهم شر أنفسهم والأشرار والظلمة .

وللحديث بقية ...

تركي بن بندر
10/06/2006

الاثنين، 2 يوليو 2012

للي لايعرفوا من هو محمد بن عبدالرحمن رحمه الله هذه قصيدة عروس الشعر قالها الشاعر ناصر العريني وهو المحارب واول سلطان على الحجاز واول ولي عهد باالدوله السعوديه الثالثه (قبل تنازله عنها للملك عبدالعزيز وابنائه) وهو من اطلق عليه لقب المصطفق لقوته وسطوته باالحروب القصيدة:
امس الضحى في عالي اطويق ونيت ** ون الحجر من ونتي يوم ونيت 
من شوفتي غرو على شوفه اشفيت ** انا مصد مير الاقدار ميلات 
تقوا يالبيطار انالك تعنيت ** عروس شعر ادورالي تمنيت 
بين النهود ومقصبات اليواقيت ** والخد من نور القمر فيه شارات 
قلت ابعدي عني سقى الله ديارك ** وارخي على الغر الثنيا اخمارك 
ياليت ربي رد عني نهارك ** تلقين غيري داري بالديارات 
انا قصير الحال ماعاد منيش ** كداد واهل الكد ماعندهم جيش 
وان رحت للديان ابياخذ الحيش ** وانا قصير الحال مافي نوهات 
تقول يالبيطار زبن الحراير ** اللي عنا لك لاتكن فيه باير 
نشوف من هولك يسوق البشاير ** يابادع القيفان ياويل من مات 
نورك غشى النورين من بين الانوار ** ماطال يوسف بالبها كود معشار 
لوهو ضواك اليل في سوق سنجار ** زل الدهر ماعلقوا به فنارات 
بهاك يالعذرا علينا تنوع ** انتى عزب وانا عفيف مطوع 
لحم وعنده له ضواري مجوع ** وبليس مثل الذيب يسطي بغرات 
تقول كف الهرج يالمكلماني ** ماجيتك الا بقيم من خواني 
توه صغيرطاعني ماعصاني ** ماهو سراقه من عيال الحميدات 
قلت اسلك بالي في السما فرج الضيق ** اللي غطى جوده جميع المخاليق 
ابوك من هو ياعذاب العشاشيق ** واسمك ترى كل العذارى مسمات 
تقول ابوي لرسلت الخيل مناع ** ابن هندي محمد مناعير الاشجاع 
واسمي شعاع النور بالبادية شاع ** من مترفات بالمقاصر مخبات
قلت المطوع في هوى البيض صبار ** بصبر ولو سار القدم يم سنجار 
نشوف منهو يكرم الضيف والجار ** شيخ محل الجود في كل حالات 
نروح بك ياعشقت اللي يعشقون ** صوب الحجاز وعالي الجد ابن عون
شريف مكه حاكم الي يجورون** جته الهدايا من ديار بعيدات 
يسكنك من عقب السمايم بمكنون ** ويلبس طوق من الصواغ مخزون 
في كارهم لبس الفتايا بمليون ** تمشي على الديباج فوق اللياحات 
قالت ومالي به ولو جا ورا البيت ** الحج مرة واحمد الله حجيت 
لاهوفي بالي وانا فيه ماشفيت ** لوهو بيفرش بسطت الدار دانات 
نروح بك يازين صوب المدينة ** بابا العرب ان كانك اتي تبينه
ولانغصبك كان ماتهتوينه ** يذكر لنا صوب الديار البعيدات 
تقول ماترضى لنا باشة الروم ** دار مريفه والاهل كلهم قوم 
شرابة التنباك والحق ملطوم** كب الحجاز وكب عباد الاموات
نروح بك للمنتفق فوق الاسياف ** ابولحيسه كامل كل الاوصاف 
اللي يدبر مجلسة تسعة الاف ** يد الركاب الي لقنه مقيمات 
تقول نعم به وبالخير مذكور ** لاشك عنده زوجتين من الحور 
واللي يجي بين المحبين مازور ** واللي بعيد الدار ماهب شفات 
نروح بك للي غدا بالنفيلة ** ابن صباح اللي علومه جميلة 
سوابقه لمن عنا له جزيله ** شيخ البحر والبر عين الكرامات 
تقول مالي به ولو من قبيلة ** شيخ بداه الشيب بيد ابحيلة
تفوق نفسه الى اقفت النارجيلة ** خله بداره لاسقته الهميلات 
هيا لحمران النوظر وخطلان ** اللي حمو بالسيف لبده وبرزان 
شهر لي ركبوا على الخيل فرسان ** اهل الصوافي والشوام المركات 
تقول مالي في رجال القطاعات ** نسوانهم يما ارجفت بالنياحات 
اهل الخيانه مابهم من طماعات ** ذباحة الوغدان واهل الخيانات 
ياجادل طول علينا المسيري ** شوفي بريدة ذاك شورن بصيري 
ابن مهناء برواي شيخ واميري ** شيخ ابريدة مايضدك بجارات 
تقول نعم به كريم خيارا ** تدهل مناخه نابيات القفارا 
جده غدا بالطايله من السدارا ** لاشك ببريدة نجاح ونيات 
هذي عنيزه شيخها فايح الراس ** اللي عديم في زمانه من الناس 
صالح من الفرسان لباسه الطاس ** بني معمر لاجا نهار الملاقات 
تقول نعم بالفهد ماله امثال ** لاشك طيبه ماجحده قدر فنجال 
درب الهوى يابارع الجيل غربال ** مضنون عيني مانويته بجيات 
يابنت في شفك ندني النجيبه ** هذاك صندوق الجنوب ابوشيبه 
يابنت مطغين الجدود العريبه ** اللي حريبه خاونه بالسياسات 
تقول نعم بس في الدين شحاح ** تمايم في زلة الجار رماح 
طر الحنيفة مالي بقوم سجاح ** تلقى بهم من خفة العقل نوهات 
يابنت انا سمع لك بعلم ومطيع ** هيا ننحر للحفر ديرة اسبيع 
قوم نهار الكون ترخي المصاريع ** تخيري لك واحد فيه مشهات 
هذا بن شويه حامي الجاذي افهيد ** شناوي ماليس درب المناقيد 
عيدك فهد يوم العذارى لهن عيد ** عليه من شكل الحكومه علامات 
تقول نعم به لفتنا علامه ** كم شيخ قوم حوله من حصانه 
لاشك لسبيع الاصل به جباله ** والكبر من كار العرب بالجفوات 
ياجادل ظافي على المتن مريوش ** مزمومة النهدين والخد منقوش 
يالله عليك مثلم الجمع فدغوش ** شره قسم لعداه في كل هيات 
تقول مايحتاج ابو بدر تمجيد ** حيثه عذاب الخيل في فتكت الجيد 
ياونتي ونت هزيل المعاويد ** ذكرتني بفهيد وفهيد قد مات 
يابنت انا هجوس قلبي تفرق ** والهقوة انه يم الاسياف شرق 
لابن خليفة منوتك بالمحرق ** بندر هل البحرين كيفه وراحات 
تقول نعم به كريم خيارى ** له ديرة مامثلها بالديارى 
لاشك عنده خربوه النصارى ** متهاونن بالدين ماهو شفاقات 
يبنت انا عذابك الله بلاني ** ياماعديتي خير مرحباني 
هذي قطر فيها الاديب ابن ثاني ** دوشق سريرة من قماش الهيارات 
زمزير حكم في قطر كل زمزير ** الخالدي والهاجري والمناصير 
بالكتب والاقوال ساق المخاسير ** وعنده ثمر صنعا خياش مرمات 
تقول نعم به وبلحق نعمين ** نعم افتى غاية هل الخير والدين 
قلبي يحب اللي يحب المسلمين ** والا البحر في رحمته سبع رحمات 
درب البحر والبر كله مشيناه ** واللي بشفك توحنا لقيناه 
يابتن هذا ماكر العز جبناه ** شيخ الديار الي مشت له امطيعات 
هذا عريب الخال والجد واعمام ** اللي كسى عقب الحري ديرة ادهام 
واشبع وحوش البر من عسكر الشام ** واهل الشهر من حربته راحو اشتات 
شيخ الشيوخ امروبين الرهايف ** اللي يسمونه هل الدار نايف 
هوعشقك اللي عشقتي بالولايف ** شاه العرب والا العجم فيه شاهات 
تقول: والله لويسوق عمشا وريمه ** ماهوب كبير ولاعن الشيخ شيمه 
لكن قالوا انه يبور حريمه ** اللي تزوج في الشهر خمس مرات 
يابنت ماخليت داني وقاصي ** انا اشهد انك من حمول الرصاصي 
مثلك على الاشور وش فيه عاصي ** ان خالفه مرة فلاهيب مرات 
والاانا مما تقولين قاضي ** كنك زعاع تشمخين العراضي 
ابحار حظك ماتعدى الرياضي ** ماشوف لك عن ماكر العز نوهات 
يالطاغية بالزين هذا محمد ** كم جادل عذرا بشوفة توجد 
اللي الى هابو هل الخيل ورد ** يرد لوكانت اجموع مبنات 
ودي تشوفينه اليا ثار دخان ** قضى على صم الرمك يم سيلان 
كنه عقاب حل بجوال حوران ** مثل البحر لاغضب مافيه حيلات 
تقول نعم به شجاع ابوخالد ** دنه ودنولي المطوع وشاهد 
والسوق لك يامن يشفي مجاهد ** الكيف طاب ولك نسوق البشارات 
وصلاة ربي عد ماراح من يوم ** وعداد مايمشي من القبلة اغيوم 
وعداد ماينبت من العشب باوسوم ** على النبي صلوا جميع البريات

الأربعاء، 13 يونيو 2012

كلمات في جدار الذاكرة


كلمات في جدار الذاكرة

  شيع جثمان الصدق والإخلاص.. والحب الحقيقي منذ زمن، فعلى وعن ماذا نبحث ..؟

  بكيت على تلك الأيام بحرقة.. عندما دفن كل إنسان صادق نفسه مع الجثمان ..!

  فعند موت المنطق يولد اللا منطق.. وعند نهاية الصدق تتشبع جذور الكذب والخداع في نفوس الناس ..!

  وعند رحيل الإخلاص تترعرع الخيانة والمراوغة وتتوج قلوب البشر فعم نبحث ..؟ لم يعد الإنسان إنساناً.. مع نهاية كل شيء.. افتقدت فينا الدنيا المبدأ.. وتقبلت اللامبالاة راضخة وكل منا على الأرض يوهم نفسه بأنه يخدع الناس والواقع أنه يخدع نفسه.. افتقدت فينا الصراحة والوضوح .

  ومسرح الحياة امتلأ بأناس نزعوا ملابس الصدق.. والصراحة.. والإخلاص.. والوضوح.. مزقوا المبدأ.. وكل من على مسرحها أرتدى قناعاً يختلف تماماً عن واقعه.. عما بداخله.. وتبرأ من كيانه.. عند افتقاده لصدق المشاعر.. والأحاسيس .

  وأصبح فيها الصاعد كالنازل والحافز كالباني وانقلب كل شيء ومن كل شيء وفي كل يوم من سيء إلى أسوأ.. فتشوا معي كالبقية الباقية من الناس.. ابحثوا معي إن لم تكونوا بلا كيان على مسرح الحياة.. مسرح تفوق على كل مسرح عليه جميع الناس تمثل.. والكل يعتقد أنه قد أدى دوره بإتقان.. وكل منا يهزأ بالآخر.. ولم يبق جمهور.. ومن يصفق ومن يشجع وبحماس لم يعد به متفرجون، ومات الحماس على مقاعد فارغة من الناس.. من الجمهور.. من المشجعين.. من الإحساس..

  ذهب الجميع إلى المقابر وكل فرد حامل جثمان ضميره معه بملل وإرهاق وكأنه حامل الدنيا على متنيه.. بالطين ليصل قبل الجميع حتى يدفن شيئاً اسمه الضمير.. بالطين.. ويتخلص منه وهو لا يعلم أنه دفن بين طيات الضمير.. كل صفة ممتازة وهبها الله للإنسان وفقد معنى كلمة الإنسانية بها.. وهو لا يعلم أنه دفن ذاته ونفسه معه.. وودع الحياة دون أن يعلم.. وانتهى.. فعم نبحث؟ أنبحث عن نفوس مزقتها يد فقدان الضمير والذات عن صور بعدة ألوان تتحرك على مسرح الحياة بدون إحساس.. فعم نبحث في دنيا فقدت الناس.. وفقد الضمير والإحساس ؟!


من كتاب سمو الأميرة موضي بنت بندر (يرحمها الله)
إذا غضب اليراع، 1401هـ

الاثنين، 4 يونيو 2012

احترموا عقول وارواح شعوبكم الاشراف


"احترموا عقول وارواح شعوبكم الاشراف يااجبن قاده
فهم لم ولن يكونوا لكم غواني يمتثل لفجور قواده"


ان التغيير والحرية والمساواة والعدالة مطلب وهدف لن تقف في وجهه الاكاذيب  اوالعادات والتقاليد الزائفة والتي تلبس عباءة الدين او الاديان بااختلافها فالله سبحانه وتعالى لايقبل منا اي عمل او فعل او عباده اذا لم نؤمن بكل الرسل والانبياء والكتب السماويه والملائكة وباالقدر خيره وشره ويوم القيامه وذكرت هذه الامور واكدت وبها ارسل الانبياء والرسل فلما اليوم نرى ونسمع ونكتب عن مايضحك ويبكي العقلاء منا والذين للأسف يقفوا متفرجين او صامتين او مطبلين لحاكم سواء كان رئيسا او اميرا او ملكا او سلطانا اما من خوف او محابة ورياء او خنوعا وطمعا بمال ومكان وسلطة فمتى
كان اب ابراهيم صلى الله عليه وسلم مسلما او لعيسى صلى الله عليه وسلم اب او اب محمد صلى الله عليه وسلم او عمامه على دينه فمابالنا اليوم نتناحر ونزبد ونكفر وننفر وننصب انفسنا جند لله او جند لرسوله وندعي الامر باالمعروف والنهي عن المنكر ونطالب باعدام هذا وسفك دم هذاك وندعي بااننا حماة الفضيله وبلاد الانسانية والخير والرخاء وحماة الامة الاسلامية ونصرة المظلومين ودعاة السلام وارض العدالة ونظهر باالاعلام نزبد ونرعد واحيانا نذرف الدموع لان ذاك اعتدى باالقول او التغريد او مقالة من غربي على الذات الالهية او سب رسولنا وهاذيك ارادت القياده او تكلمت عن حقوقها
او شبهت مخلوق بخالقنا وغيرها من الامور التي تحدث وستحدث الى قيام الساعه وكل ذلك مما يزيدنا وهنا وذلا وخزية بل وحتى تشويها لديننا واخلاقنا وتاريخنا الاسلامي انني اكتب هذا واعلم انه لن يمر على من ذكرت بما فعلوا من ماسبق لامور اعتبرها بل اكاد اجزم انهم يعون باانها منبوذة بكل الاديان والوقائع والعقول المؤمنة الصالحة المثقفة
فاذا كان لابد من طاعة الحاكم ونصرة ولي الامر فلا بد من ان يلتزم هو بما ذكر باالكتب السماوية الثلاث الصحيحة خاصة القران الكريم واهمها العدالة والمساواة وحفظ الحقوق وتوفير الامن والاطمئنان والصحة لكل من استخلف عليه وولي امره فلا يصح لحاكم ان ينام وهناك محتاج او جائع او مسلوب حقه او مسجون بلا سبب او خائف على ماله او عرضه او مظلوم من اتباعه او منه كما ان الدين ومن اراد نصرته وعزته واراد ان يدافع عن الذات الالهية ومقام الرسول صل الله عليه وسلم فليبداء بنفسه بااخلاقه بتعامله فليفعل مافعل حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه عندما صفع ابوسفيان عند الكعبة الشريفة عند اعتداهم على الرسول او ليقف احد المتحمسين للتكفير والمطالبه بسفك الدم والقتل او يبكي حرقة لقول او تشبيه في التلفاز امام اي مسئول يتعدى يوميا على الذات الالهية باالقول والعمل وعبر اجهزة الاعلام بل قد وصل الى ان قال احد المسئولين وبوجود كل علماء ورجال الدين من المفتي رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس القضاء والقضاة ووزير الشئون الاسلامية ووزير العدل ووزير الحج والعمره والاوقاف والدعاة ورئيس ورؤساء هيئة الامر باالمعروف والنهي عن المنكر (من لايؤمن باالدولة وؤلاة الامر والمفتي وهيئة كبار العلماء ورئيس القضاء والقضاة والدعاة ورجال الدين وهيئة الامر باالمعروف والنهي عن المنكر يؤمن بمن) ولم يبكي او ينكر احدا من الحضور ذلك بل نشرت على كل وسائل الاعلام فياسبحان الله اين غيرة هؤلاء على الذات الالهية اين ايمانهم ودفاعهم عن ما يدعو اوانهم حراس الفضيلة ام انهم سعدوا لانهم اصبحوا مقدسين كاالذات الالهية وتناسوا ماكان يثير حنقهم او شجونهم على غيرهم ممن كفر او استباح دمه واهله وعرضه قد يرى من القراء بما اكتب الان انه تصيد او محاولة مني للاقلال او فضح رجال الدين وقد يشطح البعض الى ان يكفرني اذا لم يجز له ماذكرت لانها حقائق واشياء حدثت وليست من صنع خيالي وصدقني ياعزيزي القارئ انا لااهتم لكل هؤلاء خاصة لمن يؤمن بما ذكره المسئول ومن كان معه فهم قد ذكروا باالقران الكريم قوله تعالى (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) وقوله تعالى( كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) وهانحن اليوم نتخبط ونتثبط بكل من لبس عمامة الدين ونشرك باالله عندما نتبع ونؤمن بغيره بقولنا اننا على المذهب الفلاني وان تفسير الاية الفلانيه كما افتى فلان فهو اعلم واقرب وادرى من غيره بمقاصد وتفاسير القران الكريم من غيره وحتى ولو كان مناقضا لما ذكر وانزل باالقران كاابسط شئ الله جل جلاله المعبود والخالق يقول باالقران وبوحيه المنزل على عبده ونبيه (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)) ويقول تعالى( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) ويقول تعالى(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) ويأتي من يقول لخلق الله وعبيده من المسلمين والمؤمنين وحتى من هم ملحدين انه مسئولا او مفوض من حاكم او ولي امر ليتولى المحاسبه والملاحقة والمراقبة في اعمال وعبادة وقد وصلت الى حتى نوايا الناس والخلق ولا احد يستطيع ان يقول لهؤلاء ومن نصبهم متى كنتم وكلاء او حتى ارباب من دون الله وهم من ينطبق عليهم قوله تعالى(لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) ومانراه ونسمعه اليوم وبكل يوم من التجاوزات والتعديات والتطاول على الله ورسوله صل الله عليه واله وسلم من من هم يدعي انهم حماة الفضيلة والامرين باالمعروف والناهين عن المنكر وهم منحددهم الله بقوله(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )وهم من يغض البصر عن المنكر البواح والظلم المستباح واكل اموال بيت المسلمين وسجن المصلحين النزهاء وتشريد الاخرين واكل المال العام والاستحواذ على المال الخاص وقهر الرجال وهتك اعراض النساء بتجوعيهم واذلالهم وحصرهم ليبيعوا اجسادهم وشرفهم للمسئولين وحتى غلمانهم لم يسلموا وغيرها من الاساليب القذرة جدا مثل المذاهب المتعدده وتفريق الكلمة وارهاب الشعب ومساهمة من يدعوا انهم علماء دين وهم ابعد من ان يقبل ابليس نفسه مايدعوه والدين والاسلام ومانزل باالقران وماجاء برسالة محمد عبد الله ورسوله صل الله عليه واله وسلم والله براء منهم وامثالهم وهو القائل تعالى(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ)وقوله تعالى( وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ْ) الى هنا ساانتقل الى باقي الدول وسأختصر وباقي الاديان والمعتقدات والافكار وحتى الملحدين وكل من في هذه العالم لااقول لهم ان الفساد والانتكاس الاقتصادي والقتل والجرائم والاوبة من كل الكوارث الطبيعية والكوارث المدبرة وغيرها من التدخل ومساعدة الظالم والطاغي والمستبد في عالمنا العربي والاسلامي باالسر والعلن وغض البصر عن مايقترفه الحقراء منهم من مجازر وظلم واستبداد وقتل وقهر وقمع وانتهاك للاراضي والمال العام والخاص والتهجير والسجن للعقول والمبدعين والعلماء والاحرار وغيرها من كل اقذر وسائل تستخدم يوميا على هذه الشعوب وللأسف باأسم الدين والولاء والوطنية والأحداث والتهديدات من الحروب والغزو الفكري والنفسي التي تعيش به هذه الامة الاسلامية والعربية على مدى قرن ونيف وتدفع ثمنه هذه الشعوب الطيبة النقيه والتي استبيحت ثرواتها وارزاقها واملاكها بل حتى اعراض نسائهم وابنائهم ودمائهم من كل حكام هذه الدول دون استثناء ولن اأتي باأدلة فلا أحتاج لها لأن الكل شاهدها ورائها ويعرفها الا من أعمى الله بصيرته او كان من الاحذية الحامية لاقدام حكامهم المجرمين وكل هذا عمل لكي لاتعود لامة الاسلام عودة ولايقوم لعز الدين والقران الكريم واخلاق الحضارات الاسلامية قائمة او عزة واليوم هو اليوم وغدا هو غدا فمن أراد الذل واستمرار انكسار الذات والنفس والخنوع تحت مظلة الخوف والرجاء بمخلوق دون خالق ومصدقا لكل منافق محرف لما انزل باالقران الكريم ولتفاسيره ومابلغ به خاتم الانبياء والمرسلين عبد الله ورسوله صل الله عليه وسلم ومفند لدين الاسلام والتوحيد ومتبع او مشركا به بعقائد او مذاهب او بدع وضلالات فاالله سبحانه جل جلاله وعبده ورسوله صل الله عليه واله وسلم وماانزل باالقران وذكر من الاحاديث القدسية والنبوية الصحيحة وتفاسيرها المكملة وواضحة لكل ذوو الالباب براء من كل من لبس عباءة الدين ووكل نفسه منفذا لارادة رب العالمين ومنافقيهم ومن والائهم ومن هنا ولثقتي الكبيرة باالله عز وجل وباالتمعن بما ذكر وأنزل باالقران الكريم ان التغيير بداء وسيزول الظالمين كما يريد الله ربي وربكم ورب الكون ومالانعلم ولن يقف امام ماذكر واراد له الله الحق العدل المبين ويعلم سبحانه تعالى بما في نفسي ولما كتبت ماكتبت وهو وحده من يعلم ويشهد بااني لااريد من ماكتبت الا أن انبه غافل واحذر متناسي وابشر صابر واقول لكل ظالم كفى استغفر وتب واعتذر باالقول والعمل وان باب الله مفتوح ولايحتاج مخلوق من المخلوقات باالدنيا لوسيط او شفيع او وكيل ولاحاجب عليه واختم بقوله سبحانه وتعالى {ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} صدق الله العظيم وكذب كل متعالى منافق طاغي ظالم مجرم مستبد اثيم والله حسبنا عليه توكلت وهو نعم الوكيل

الأربعاء، 23 مايو 2012

إلى أبناء الأمة الإسلامية .. بإصلاح حال الأمة


إلى أبناء الأمة الإسلامية ..
بإصلاح حال الأمة

   على مدى التاريخ أفهم تعرض الأمة الإٍسلامية بين فترة وأخرى إلى هجوم وإن كان غير مبرر من قبل شخصيات وقوى غربية معينة متعددة بينها وبين بعض الدول أو منظمات إٍسلامية متطرفة خلاف ونزاع. إلا أنني أقف حائراً أمام ما قامت به صحيفة في إحدى الدول الاسكندينافية اسمها (الدنمارك) من تعد سافر وتطاول وقح على أفضل خلق الله وخاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي بعثه الله بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه سراجاً منيراً من خلال نشر رسوم كاريكاتورية بشعة وتعليقات قبيحة تتضمن السخرية والاستهزاء بشخص الرسول الكريم والتي قوبلت بموجة عارمة من الغضب والسخط بين كافة أبناء الأمة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، فالاعتداء والتطاول كان محيراً وملفتاً للأنتباه من حيث أنه جاء من مؤسسة صحفية في هذه الدولة بالذات وذلك لعدة أسباب موضوعية ومنطقية، حيث لم تصدر أية ا ساءة مباشرة وغير مباشرة من قبل شخصية سياسية أو غير سياسية مسلمة تجاه (الدنمارك) شعباً أو نظاماً سياسياً أو جهة غير سياسية، بل على العكس فهناك علاقات تجارية أكثر من قوية بين (الدنمارك) ودول العالم الإسلامي، كما لم يكن هناك أي نشاط إسلامي سلمي واضح للجالية العربية أو الاسلامية كما هو الحال في بعض دول أوروبا، حتى تنظيم القاعدة سيء الذكر لم يصدر منه أي عمل أو إشارة عدوانية تجاه أو في الإراضي الدنماركية .. لقد فوجئنا جميعاً بالفعل من هذا العمل المشين السلبي الذي لم ينتقد أو حتى يحاول تشويه صورة المسلمين علماً بأن هناك أعمالاً وتصريحات سلبية تجاه الإسلام والمسلمين سابقة من قبل مسؤولين دنماركيين تم تجاهلها، إلا أن ما نشر في الصحيفة أقول لم يكن يحمل نقداً موضوعياً تجاه المسلمين بل إنه قفز بشكل غريب وعجيب بعمل مشين بالتطاول على رمز مقدس وتعدى عليه دون أية مقدمات .
   والسؤال الذي لم يفارق ذهي هو : لماذا حدث ذلك العمل من صحيفة دنماركية؟ وما الهدف منه؟ وهل القائمون على الجريدة أشخاص من السذاجة والبساطة المفرطة بحيث يقومون بما قاموا به دون إدراك ووعي لما رسموه ووضعوا له من تصور، وخططوا له ونفذوه بعد أن دعوا له عبر مسابقة مرصودة الجوائز، ثم  قاموا بنشره ضد أهم رمز لثاني ديانة في العالم من حيث الأتباع والمؤمنين بها ؟
   بإعتقادي أن الجواب هو العكس، فهم كانوا يقومون بكل تفاصيل هذا العمل بإدراك وفهد دقيق لجميع أبعاد ما يحمله من ردود أفعال وثورة عارمة في كل ركن من أركان الشارع الإسلامي، ولن أجانب الصواب إذا قلت إن حقيقة نواياهم وغاياتهم من هذا النشر تحقيق الصدمة والاستفزاز المتعمد للوصول إلى هدف (الشهرة) لمطبوعتهم، والتسويق لها على مستوى (الدنمارك) و (أوروبا) بالقذف بها والتقدم على كافة المطبوعات الأوروبية في مستوى التطاول والتجرؤ على الإسلام كديانة ورمزها الأول من خلال تناول المصطفى صلى الله عليه وسلم .
   إننا نعلم جميعاً مدى تغلغل السياسة في الإعلام وأن الصحفيين في غالبيتهم مسيسون متمكنون من هذه القضايا ويفهمون جيداً معنى هذا النوع من النشر، كما أننا نعلم جيداً مدى هوس الإعلاميين بالشهرة والانتشار عبر استخدام هذاا لنوع من الصدمات خصوصاً مع العالم الإسلامي، ففي ذلك وصول لهدفين بحجر واحدة: شهرة المطبوعة وترسيخ التصور السلبي الموجود أصلاً في الذهنية المجتمعية الدنماركية وحتى الأوروبية عن الإسلام والمسلمين ذلك الذي زرع على مدى سنين وأعوام عبر وسائل الإعلام الغربية عن العرب والمسلمين، فقبل انتهاء مرحلة الحرب الباردة وأنهيار جدار برلين ونحن نعاني حتى هذه اللحظة من سياسة إعلامية غير عادلة ومنصفة تصور الإنسان العربي المسلم بأنه شخص ثري ومتخلف بدين وملتح، ينفق الأموال في صالات القمار وعلى النساء الحسناوات، والآن أصبحنا نمثل نحن العرب والمسلمين (الإرهاب) فقط ولا شيء غيره وأموالنا -بقدرة قادر- تحول صرفها من النساء وطاولات القمار إلى تمويل الأنشطة والأعمال الإرهابية .
   اليوم كل من أراد التسويق لشخصه أو لمؤسستة إعلامية كانت أو غير إعلامية في الغرب - تحديداً - عليه أن يتوجه إلى الإسلام والمسلمين بالإساءة والطاول عامداً متعمداً ساعياً للاستفزاز والتحريض، فكلما ازداد عداؤنا لهذه المطبوعة أو تلك المؤسسة الإعلامية كلما اقترب القائمون عليها من كسب ود ومحبة الشارع الغربي ومن لا يرى في كل شخص سوى صورة ارهابي، وتأكيداً لكلامي أجد أن الصحيفة الفرنسية التي أعادت نشر الكاركتير كانت تسعى لذلك، ولكنني أرجع إلى أصل المشكلة ألا وهو ما الذي بدر من العالم الإسلامي تجاه أية دولة اسكندنافية ليمارس بحقنا هذا العمل حتى لو أريدت منه الشهرة ؟
  أما المضحك المبكي أيها السادة الكرام فهو التبرير السخيف للقائمين على الصحيفة وكبار المسؤولين السياسيين الدنماركيين بأن ما حدث يدخل ضمن (حرية التعبير) و (حق الصحيفة في النشر) ذلك التبرير الذي اعتبره شخصياً إساءة أخرى لنا وسخرية حقيقية من عقولنا وفهمنا للمعنى الحقيقي لـ(حرية التعبير) الموجودة في أوروبا تحديداً، فتلك الحرية التي يتحدثون عنها حرية منضبطة ومسؤولة في أوروبا محمية بالقوانين والتشريعات التي تعرض أي شخص أو جهة تحاول التعدي عليها أو الخروج عنها للمحاكمة والمساءلة الأشد قسوة وإيلاماً في أحكامها الجزائية الرادعة تجاه مرتكبيها في تلك القارة مقارنة بباقي دول وقارات العالم الأخرى، وللعلم فقط إزدادت تلك القوانين تشدداً ورصداً من قبل الغرب والاتحاد الأوروبي - تحديداً- بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لأي إشارة قريبة أو بعيدة تحرض على العداء للأديان ولكن المراقبة الدقيقة المستمرة كانت يا (سادة يا كرام) على المؤسسات الإسلامية والعربية الإعلامية، وحتى الخيرية، وعلى تصريحات رجال الدين.. وغيرهم من خلال الشبكة العنكبوتية، والفضائيات والصحف الورقية.. أما هم وما يقال ويذكر من قبلهم تجاهنا من شتم وقذف وسب وتعد على الأديان وتحريض على المنتمين لها وإساءة لرموزها يعتبر (حرية رأي) و (حرية تعبير) لا غبار عليه .
   أقول بعد أحدا الحادي عشر من سبتمبر أخذت تلك المطالبات بعداً غير طبيعي أو غير مسبوق في العالم الغربي وبطنت بالعديد من أشكال وصور التهديد والتلويح بالعقوبات للدول الإسلامية في حالة حدوث تصريحات وتحمل نوعاً من التحريض على الأديان والثقافات والحضارات، أو تنادي برفع شعارات الكراهيةـ وأي نوع من دعوات عنصرية أو دعوات للظلم، بمعنى العمل على الوقوف في وجه أن تستغل الحرية ضد الحرية، لقد كان ذلك شعاراً عملياً ومعنوياً غربياً في السنوات الأربع الأخيرة، وبالتالي فإن السماح بمثل هذه التعبيرات في هذا الجو العام المشحون يهدد السلم والأمن العالميين، ويعطي منطلقاً لنداءات ودعوات وشعارات المتطرفين والأصوليين على ضفتي النهر، وهذا ما يحاول أن يشرع له ويبرره العديد من سفراء دولة الدنمارك - بوعي أو بغير وعي - عندما يقولون لنا إن ذلك يدخل في نطاق (حرية التعبير) ولا سيطرة لنا على التحريض على الأديان السماوية والإساءة لرموزها .
  إنني على ثقة تامة ومطلقة بأن (السفراء الدنماركيين) والسيد (رئيس الوزراء الدنماركي) لو حاولت إحدى المطبوعات الدنماركية مناقشة حقيقة محرقة (الهولوكوست) لأقاموا الدنيا وأقعدوها على تلك المطبوعة، واتهموا القائمين عليها بجرم العداء والتحريض على السامية، ولكانوا يتقاطرون تباعاً على شاشات التلفزة للاعتذار لدولة اسرائيل ولليهود منذ اللحظة الأولى.. ولأنهم لا يرون في اعتذاراتهم الراحة والخلاص لـ(ضمائرهم) من آلام التأنيب والتعذيب تجاه تلك المحاولة التشكيكية بصحة تلك المحرقة .. لذا سيقومون على الفور برفع قضية ضد الجريدة لردع أي محاولة تكرار مستقبلية ولو اتسدعى ذلك أن يدفعوا نفقات المحامين من رواتبهم الخاصة.. كما سيطالب القادة الدنماركيون بأنفسمهم (قادة العالم المتحضر الحر) بإدانة ما قامت به تلك المطبوعة الدنماركية.. والأهم من ذلك كله أن مصطلح (حرية التعبير) سيشطب، ويلغى من قواميس الدبلوماسية الدنماركية في تلك الحالة لأنها حالة لا تخص الإسلام والمسلمين.
   وبالعودة إلى تلك المطبوعة والرغبة في الاشتهار والترويج لذاتها عبر الإساءة والتحريض على كراهية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أقول إنه استخدام غير محسوب للحرية وقلب للطاولة في وجه الحرية ذاتها، وتسبب في إعطاء مد وزخم هائل للأصوليات الدينية والعرقية في العالم، كما أنه يوفر لها مبررا عند الأفراد ليعودوا إلى ساحة الفعل بأقوى مما هي عليه، وكل قارئ للتاريخ يعلم ما يمكن أن ينتج حين يترك الفعل لهذه الأصوليات التي لا تعرف في منطقها سوى القضاء على الآخر ولا تعرف لغة سوى لغة الدم والدمار .
   كما أنني ألفت انتباه سفراء دولة الدنمارك الذين يتفقون معي إلى أن إرث الصراع الديني أختفى إلى حد ما ظاهرياً على الأقل، ولكن ما قامت به الصحيفة من إثارته، وإعادته إلى الساحة ورفض الاعتذار في البداية كان تغذية مستمرة ظاهرة ومستترة مزودة بالتاريخ والأيديولوجيا لهذا الصراع، ولقد ظهرت ملامحه جلية في تلك الاستفتاءات التي أكدت على رفض الشارع الدنماركي تقديم الصحيفة أي اعتذار، وصحيح أن الخطابات والاعتذارات الرسمية التي جاءت متأخرة تتبرأ من هذا المنطق، ولكن الدعوة للمظاهرة ضد الإسلام والقرآن من قبل الشعب الدنماركي في العاصمة (كوبنهاجن) أثبتت أن المبادئ الإنسانية والسلم والتعايش لا زالت أكثر هشاشة خصوصاً مع المحيط العربي الإسلامي، وبالتالي أجد أن ما حدث يصب في مصلحة المتطرفين الأكثر عداءً للحوار بين الأديان، وتقريب وجهات النظر بين الشعوب المختلفة دينياً المشتركة إنسانياً، لأن هذا الأمر على وجه الخصوص يهدد وجودهم ويسحب البساط من تحت أرجلهم .
   أما الأمر الآخر الذي يتفقون جميعاً عليه فهو أن الحريات الدينية إحدى المنجزات الغربية التي أكدت وتؤكد حدين أساسيين: الأول: أن لكل فرد الحق في اعتناق الدين الذي يريده. أما الثاني: أن ليس لأحد أن يجبر الآخر على اعتناق دين معين وليس له الحق أيضاً في الانتقاص أو السخرية من دين أو معتقد الآخر. هذه المبادئ وإن كانت مترسخة دستورياً وعملياً إلا أن ما عبرت عنه تصريحات البعض منكم أكدت على إيمانكم بعكس ذلك خصوصاً إذا تعلق الأمر بالإسلام ورموزه .
   أما كلمتي لأبناء الامة الإسلامية في هذه القضية، المسألة الحساسة والهامة التي حظيت باهتمام العالم أجمع هذه الأيام أضعها بصيغة التساؤل التالي : لماذا التطاول والاستهزاء دائماً بأمة الأسلام فقط دون غيرها من الأمم ؟ وهي الأمة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس، حيث قال تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) الآية 110 سورة آل عمران، وهل أمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وصلت من الضعف والوهن إلى هذا الحد لكي يتطاول عليها كل من هب ودب وكل ناقص عقل ودين لتحقيق مأرب في نفسه، وليظهر للعالم بأنه قوي وأنه رقم مؤثر في خارطة العالم لأنه استطاع التهجم على الأمة الإسلامية لينال رضى واستحسان الغرب والمنظمات الصهيونية والقوى المعادية للأمة في العالم، وبذلك يكون قد حققمكاسب دنيئة على حساب الأمة الإسلامية.
   إن هذه الحادثة الأليمة وغيرها من الحوادث المشابهة المؤسفة مؤشر خطير ودلالة قاطعة لنا على أن واقعنا الحالي الذي وصلنا إليه ووضعنا الراهن يبرهن بأننا أصبحنا من المستضعفين في الأرض، ولقمة سائغة للجميع يلتهمها كيف ومتى ما شاء، وأننا أمة ضعيفة في أعين الآخرين ولحق بنا من الفرقة والشتات والوهن والضعف بتناحرنا وقتلنا لبعضنا البعض، وبتجاهلنا للمبادئ والقيم التي دعانا لها سيد الخلق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كمن "قدم اللحمة للقط" فنحن الذي قدمنا اللحمة للقط بسبب بعدنا عن أسباب القوة والمنعة فيدلاً من أن نكون قدوة واحدة متماسكة ومتعاونة ومتعاضدة أصبحنا نعيش في حالة فرقة دائمة وحروب مما جلب وسهل الاعتداء علينا من كل صوب .
   إن هذا الوضع المزري لحالة الأمة الإسلامية اليوم يقودنا إلى ضرورة العودة إلى الأسس والثوابت والقيم التي قام عليها ديننا الإسلامي الحنيف، والتي علمنا إياها نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن الإصلاح لمواجهة كافة التحديات والتغلب على الصعاب والعقبات والأزمات التي تعترض مسيرة هذه الأمة لن تتحقق إلا من خلال اتباع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، واقتفاء أثر السنة النبوية المطهرة لأنه لا صلاح لحال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولذلك لا بد لنا من التقيد بتعاليم الدين الاسلامي جميعها لأنه دين الفصل وليس بالهزل ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والتأسي بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - المطهرة والاستفادة من الدروس والعبر في هذه المسيرة العطرة لأفضل خلق الله حتى يتحقق لنا التراحم والتضامن والتكافل والتعاون والتواصل والتناصر فيما بيننا في كافة أرجاء المعمورة .
   ورغم دعمي وتأييدي التام لحملة المقاطعة الاقتصادية الواسعة للمنتجات الدنماركية التي سادت جميع الدول العربية والإسلامية لنصرة الرسول الكريم الذي يجب علينا نصرته وتعزيزه وتوقيره وقبول ما جاء به من عند الله الأمر الذي أعاد الأمل بتضامن هذه الأمة على كل ما يجرح كرامتها ويسيء إلى قيمها الإسلامية الثابته، ولأنها تمثل كذل ورقة ضغط على الحكومة والصحيفة الدنماركية لتقديم الاعتذار الرسمي للأمة الاسلامية وهذا ما تحقق، إلا أنني أطالب في الوقت ذاته بضرورة تطبيق تعاليم الدين الاسلامي التي بلغها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو خير من أدى الرسالة وبلغ الأمانة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والاستفادة مما زخرت به السيرة النبوية من دروس وعبر وصبر وحكمة وتعاون على البر والتقوى لتعود لنا العزة والمنعة والقوة ولنتمكن من مواجهة مثل هذه الأعمال الآثمة بكل قوة وحزم والتصدي للتحديات العالمية الراهنة والتيارات المضادة التي تحاول النيل من مقدرات هذه الأمة ولكي نضرب أيضاً أروع الأمثلة في العالم بأننا حقاً خير أمة أخرجت للناس وأمة الوسطية والعدل والإنصاف استجابة لقوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) الآية 143 سورة البقرة .
   ولإصلاح الأمة الإسلامية والإحسان إليها لا بد لنا من دراسة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعمق في فقهها وفهم دروسها وربطها بالأجيال المسلمة وجعلها القاعدة الصلبة في إقامة المجتمع المسلم المثالي المبني على طاعة الله ورسوله وعلى التعاون والمحبة بين المسلمين جميعاً، لا سيما أن سيرة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام تحمل معاني عظيمة، وتعد مدرسة متكاملة ينبغي الاستفادة منها والتأسي بها استجابة لقوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيْ رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الآية 21 سورة الاحزاب . فقد ضرب لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -  أروع الأمثلة في التعامل مع الاعداء، ومن قرأ سنة الرسول الكريم القولية ممثلة في الأحاديث النبوية أو سنته العملية ممثلة في تعامله مع أصحابه الكرام وأعداء الإسلام يدرك جيداً كرم الرسول، ففي الحديث الذي روته السيدة عائشة - رضي الله عنها - خير دليل على ذلك فقالت : استأذن رهط من اليهود على النبي فقالوا للنبي : السام عليك، فقلت : بل عليكم السام واللعنة، فقال الرسول : يا عائشة : إن الله يحب الرفق في الأمر كله. قلت : أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال قلت : وعليكم .
   فهؤلاء اليهود من سوء أدبهم لووا ألسنتهم، وحرفوا الكلام، بدلاً من أن يقولوا : اسلام عليك. قالوا السام، أي الموت والهلاك، ولكن الرسول الكريم من حسن أدبه وعظمة خلقه، لم يرد أن يجعل من ذلك معركة، بل رد بهذه الكلمة النبيلة قائلاً : (وعليكم) أي الموت مكتوب على كل البشر، علينا وعليكم، ثم علم السيدة عائشة هذا الأدب الرفيع، أدب الرفق في التعامل حين قال لها :(يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) فهكذا كانت أخلاق الرسول في التعامل حتى مع ألد الأعداء لأنه يحمل رسالة إلى الجميع عنوانها الهداية وإنقاذ البشرية من الظلمات إلى النور وإصلاح الإنسانية جمعاء حيث قال تعالى :( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الاية 28 سورة سبأ .
   وحدثتنا السيرة كذلك عن حسن خلق الرسول وأدبه وكرم خصاله ونبل شمائله عندما تعرض في الطائف إلى العذاب، وكان ذلك من أشد الأيام عليه حتى أن وصف ذلك اليوم بأنه أشد عليه من يوم (أحد) الذي قتل فيه (70) من الصحابة وكسرت رباعية الرسول - صلى الله عليه وسلم- وشج رأسه عندما دعا أهل (الطائف) إلى الإسلام ولم يستجيبوا له وقاموا بضربه وتعذيبه أشد العذاب حتى جاءه جبريل عليه السلام وقال له الآن يأتيك ملك الجبال فمره بما شئت، فقد جاء ملك الجبال عليه السلام فيقول : إن الله أمرني أن أطبق عليهم الأخشبين (أي الجبلين الكبار في الطائف) إلا أن الرسول رفض ليقول : لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله أو يوحده، وقد حدث ذلك حيث خرج من الطائف أجل وأفضل أصحابه .
   وأؤكد أننا في أمس الحاجة للاستفاذدة من تلك الدروس والعبر القيمة التي استفاد منها سلف هذه الأمة، إذ لا عز لنا إلا بالعودة إلى الله تعالى والتمسك بشريعته وتطبيقها خير التطبيق بكل عدل وإنصاف لقوله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) الاية 2 سورة المائدة، ولأننا من خلال تقيدنا بتعاليم شرع الله سنقدم للعالم أجمع قيماً حضارية جليلة ومبادئ سامية تساهم في تخليص شعوب الدنيا من التخبط ومعالجة العديد من قضايا الانسانية المتمثلة في السلم والأمن والاستقرار وقضايا الفقر والأمراض وحقوق الأنسان، حيث قال تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) الايتات 3 و 4 سورة قريش . فكل استراتيجيات الدنيا ومؤتمرات العالم تهدف إلى تحقيق السلم والأمن والدوليين ومعالجة الجوع والفقر، فترى كيف عالج الإسلام هذه المشكلات عندما ربطها بالعبادة الخالصة لله عز وجل رب البيت العتيق .
  وأدعو جميع المسلمين إلى الاجتهاد في تعريف جميع البشرية بالاسلام والتفاني في نشر الدين الاسلامي وتعاليمه السمحاء، وما جاء فيه من منافع عظيمة للإنسانية وأن يدافعوا عن مبادئه القيمة بكل غال ونفيس، لأنه خاتم الرسالات ودين عالمي جاء لعموم البشر أبيضهم وأسودهم، عربهم وعجمهم وأنه دين رحمة للعالمين يقدم الخير للبشرية حيث قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الاية 107 سورة الانبياء. والإيمان بكتابة المطهر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وتهد الله بحفظه من التغيير والتبديل ليبقى مشعلا مضيئاً تستهدي به البشرية في مسيرتها الدائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، حيث قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الاية 9 سورة الحجر.
   وإنني على يقين أن إيمان المسلمين بعالمية دينهم وتطبيق أحكامه في كافة مجالات حياتهم ومعاملاتهم اليومية وعلاقاتهم مع الآخرين بما فيها علاقاتهم الدولية بمنحهم حصانة وقوة ومنعة وحماية من دعوات التمييز والكراهية التي تستهدف الدين الإسلامي والنبي العظيم الهوية الحضارية للإسلام وأبناء هذه الامة الذين يواجهون حالياً الاضطهاد والتفرقة وانتهاك حقوق الإنسان باسم محاربة الإرهاب العالمي.
   وعلينا أن نوضح للعالم أجمع مبادئ الإسلام في الخير والرحمة والتعاون والعدل وأن نبين الحلول التي جاء بها الدين الاسلامي لمواجهة الموبقات وتفشي المخدرات والانحلال الخلقي الذي يخل بالأمن الاجتاعي للشعوب مع ضرورة إبراز الجانب الأخلاقي في الإسلام والتعريف به وترسيخ مبادئه وقيمه التي على رأسها أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل ليتمم مكارم الأخلاق، ونقل جميع هذه المعاني والقيم إلى العالم الخارجي في شكل صور ونماذج وأمثلة رائعة تساهم في جذب الشعوب الأخرى إلى الإسلام لتفادي حملة العداء المستعرة على الإسلام .
  وختاماً .. أدعو الله العلي القدير أن يعز دينه، ويعلي كلمته ونصر الإسلام وأهله، ويجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، ويؤلف بين قلوب المسلمين، ويدفع عنهم أسباب التحلل والانحراف والفتن ما ظهر منها وما بطن ويخزي أعداء الله ورسوله الذين توعدهم في قوله حيث قال تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) الاية 95 سورة الحجر، وقال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الاية 61 سورة التوبة . وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) صدق الله العظيم (الاية 57 سورة الاحزاب) .


حفيد الجدين
تركي بن بندر
4 فبراير 2006