الأربعاء، 23 مايو 2012

إلى أبناء الأمة الإسلامية .. بإصلاح حال الأمة


إلى أبناء الأمة الإسلامية ..
بإصلاح حال الأمة

   على مدى التاريخ أفهم تعرض الأمة الإٍسلامية بين فترة وأخرى إلى هجوم وإن كان غير مبرر من قبل شخصيات وقوى غربية معينة متعددة بينها وبين بعض الدول أو منظمات إٍسلامية متطرفة خلاف ونزاع. إلا أنني أقف حائراً أمام ما قامت به صحيفة في إحدى الدول الاسكندينافية اسمها (الدنمارك) من تعد سافر وتطاول وقح على أفضل خلق الله وخاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي بعثه الله بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه سراجاً منيراً من خلال نشر رسوم كاريكاتورية بشعة وتعليقات قبيحة تتضمن السخرية والاستهزاء بشخص الرسول الكريم والتي قوبلت بموجة عارمة من الغضب والسخط بين كافة أبناء الأمة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، فالاعتداء والتطاول كان محيراً وملفتاً للأنتباه من حيث أنه جاء من مؤسسة صحفية في هذه الدولة بالذات وذلك لعدة أسباب موضوعية ومنطقية، حيث لم تصدر أية ا ساءة مباشرة وغير مباشرة من قبل شخصية سياسية أو غير سياسية مسلمة تجاه (الدنمارك) شعباً أو نظاماً سياسياً أو جهة غير سياسية، بل على العكس فهناك علاقات تجارية أكثر من قوية بين (الدنمارك) ودول العالم الإسلامي، كما لم يكن هناك أي نشاط إسلامي سلمي واضح للجالية العربية أو الاسلامية كما هو الحال في بعض دول أوروبا، حتى تنظيم القاعدة سيء الذكر لم يصدر منه أي عمل أو إشارة عدوانية تجاه أو في الإراضي الدنماركية .. لقد فوجئنا جميعاً بالفعل من هذا العمل المشين السلبي الذي لم ينتقد أو حتى يحاول تشويه صورة المسلمين علماً بأن هناك أعمالاً وتصريحات سلبية تجاه الإسلام والمسلمين سابقة من قبل مسؤولين دنماركيين تم تجاهلها، إلا أن ما نشر في الصحيفة أقول لم يكن يحمل نقداً موضوعياً تجاه المسلمين بل إنه قفز بشكل غريب وعجيب بعمل مشين بالتطاول على رمز مقدس وتعدى عليه دون أية مقدمات .
   والسؤال الذي لم يفارق ذهي هو : لماذا حدث ذلك العمل من صحيفة دنماركية؟ وما الهدف منه؟ وهل القائمون على الجريدة أشخاص من السذاجة والبساطة المفرطة بحيث يقومون بما قاموا به دون إدراك ووعي لما رسموه ووضعوا له من تصور، وخططوا له ونفذوه بعد أن دعوا له عبر مسابقة مرصودة الجوائز، ثم  قاموا بنشره ضد أهم رمز لثاني ديانة في العالم من حيث الأتباع والمؤمنين بها ؟
   بإعتقادي أن الجواب هو العكس، فهم كانوا يقومون بكل تفاصيل هذا العمل بإدراك وفهد دقيق لجميع أبعاد ما يحمله من ردود أفعال وثورة عارمة في كل ركن من أركان الشارع الإسلامي، ولن أجانب الصواب إذا قلت إن حقيقة نواياهم وغاياتهم من هذا النشر تحقيق الصدمة والاستفزاز المتعمد للوصول إلى هدف (الشهرة) لمطبوعتهم، والتسويق لها على مستوى (الدنمارك) و (أوروبا) بالقذف بها والتقدم على كافة المطبوعات الأوروبية في مستوى التطاول والتجرؤ على الإسلام كديانة ورمزها الأول من خلال تناول المصطفى صلى الله عليه وسلم .
   إننا نعلم جميعاً مدى تغلغل السياسة في الإعلام وأن الصحفيين في غالبيتهم مسيسون متمكنون من هذه القضايا ويفهمون جيداً معنى هذا النوع من النشر، كما أننا نعلم جيداً مدى هوس الإعلاميين بالشهرة والانتشار عبر استخدام هذاا لنوع من الصدمات خصوصاً مع العالم الإسلامي، ففي ذلك وصول لهدفين بحجر واحدة: شهرة المطبوعة وترسيخ التصور السلبي الموجود أصلاً في الذهنية المجتمعية الدنماركية وحتى الأوروبية عن الإسلام والمسلمين ذلك الذي زرع على مدى سنين وأعوام عبر وسائل الإعلام الغربية عن العرب والمسلمين، فقبل انتهاء مرحلة الحرب الباردة وأنهيار جدار برلين ونحن نعاني حتى هذه اللحظة من سياسة إعلامية غير عادلة ومنصفة تصور الإنسان العربي المسلم بأنه شخص ثري ومتخلف بدين وملتح، ينفق الأموال في صالات القمار وعلى النساء الحسناوات، والآن أصبحنا نمثل نحن العرب والمسلمين (الإرهاب) فقط ولا شيء غيره وأموالنا -بقدرة قادر- تحول صرفها من النساء وطاولات القمار إلى تمويل الأنشطة والأعمال الإرهابية .
   اليوم كل من أراد التسويق لشخصه أو لمؤسستة إعلامية كانت أو غير إعلامية في الغرب - تحديداً - عليه أن يتوجه إلى الإسلام والمسلمين بالإساءة والطاول عامداً متعمداً ساعياً للاستفزاز والتحريض، فكلما ازداد عداؤنا لهذه المطبوعة أو تلك المؤسسة الإعلامية كلما اقترب القائمون عليها من كسب ود ومحبة الشارع الغربي ومن لا يرى في كل شخص سوى صورة ارهابي، وتأكيداً لكلامي أجد أن الصحيفة الفرنسية التي أعادت نشر الكاركتير كانت تسعى لذلك، ولكنني أرجع إلى أصل المشكلة ألا وهو ما الذي بدر من العالم الإسلامي تجاه أية دولة اسكندنافية ليمارس بحقنا هذا العمل حتى لو أريدت منه الشهرة ؟
  أما المضحك المبكي أيها السادة الكرام فهو التبرير السخيف للقائمين على الصحيفة وكبار المسؤولين السياسيين الدنماركيين بأن ما حدث يدخل ضمن (حرية التعبير) و (حق الصحيفة في النشر) ذلك التبرير الذي اعتبره شخصياً إساءة أخرى لنا وسخرية حقيقية من عقولنا وفهمنا للمعنى الحقيقي لـ(حرية التعبير) الموجودة في أوروبا تحديداً، فتلك الحرية التي يتحدثون عنها حرية منضبطة ومسؤولة في أوروبا محمية بالقوانين والتشريعات التي تعرض أي شخص أو جهة تحاول التعدي عليها أو الخروج عنها للمحاكمة والمساءلة الأشد قسوة وإيلاماً في أحكامها الجزائية الرادعة تجاه مرتكبيها في تلك القارة مقارنة بباقي دول وقارات العالم الأخرى، وللعلم فقط إزدادت تلك القوانين تشدداً ورصداً من قبل الغرب والاتحاد الأوروبي - تحديداً- بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لأي إشارة قريبة أو بعيدة تحرض على العداء للأديان ولكن المراقبة الدقيقة المستمرة كانت يا (سادة يا كرام) على المؤسسات الإسلامية والعربية الإعلامية، وحتى الخيرية، وعلى تصريحات رجال الدين.. وغيرهم من خلال الشبكة العنكبوتية، والفضائيات والصحف الورقية.. أما هم وما يقال ويذكر من قبلهم تجاهنا من شتم وقذف وسب وتعد على الأديان وتحريض على المنتمين لها وإساءة لرموزها يعتبر (حرية رأي) و (حرية تعبير) لا غبار عليه .
   أقول بعد أحدا الحادي عشر من سبتمبر أخذت تلك المطالبات بعداً غير طبيعي أو غير مسبوق في العالم الغربي وبطنت بالعديد من أشكال وصور التهديد والتلويح بالعقوبات للدول الإسلامية في حالة حدوث تصريحات وتحمل نوعاً من التحريض على الأديان والثقافات والحضارات، أو تنادي برفع شعارات الكراهيةـ وأي نوع من دعوات عنصرية أو دعوات للظلم، بمعنى العمل على الوقوف في وجه أن تستغل الحرية ضد الحرية، لقد كان ذلك شعاراً عملياً ومعنوياً غربياً في السنوات الأربع الأخيرة، وبالتالي فإن السماح بمثل هذه التعبيرات في هذا الجو العام المشحون يهدد السلم والأمن العالميين، ويعطي منطلقاً لنداءات ودعوات وشعارات المتطرفين والأصوليين على ضفتي النهر، وهذا ما يحاول أن يشرع له ويبرره العديد من سفراء دولة الدنمارك - بوعي أو بغير وعي - عندما يقولون لنا إن ذلك يدخل في نطاق (حرية التعبير) ولا سيطرة لنا على التحريض على الأديان السماوية والإساءة لرموزها .
  إنني على ثقة تامة ومطلقة بأن (السفراء الدنماركيين) والسيد (رئيس الوزراء الدنماركي) لو حاولت إحدى المطبوعات الدنماركية مناقشة حقيقة محرقة (الهولوكوست) لأقاموا الدنيا وأقعدوها على تلك المطبوعة، واتهموا القائمين عليها بجرم العداء والتحريض على السامية، ولكانوا يتقاطرون تباعاً على شاشات التلفزة للاعتذار لدولة اسرائيل ولليهود منذ اللحظة الأولى.. ولأنهم لا يرون في اعتذاراتهم الراحة والخلاص لـ(ضمائرهم) من آلام التأنيب والتعذيب تجاه تلك المحاولة التشكيكية بصحة تلك المحرقة .. لذا سيقومون على الفور برفع قضية ضد الجريدة لردع أي محاولة تكرار مستقبلية ولو اتسدعى ذلك أن يدفعوا نفقات المحامين من رواتبهم الخاصة.. كما سيطالب القادة الدنماركيون بأنفسمهم (قادة العالم المتحضر الحر) بإدانة ما قامت به تلك المطبوعة الدنماركية.. والأهم من ذلك كله أن مصطلح (حرية التعبير) سيشطب، ويلغى من قواميس الدبلوماسية الدنماركية في تلك الحالة لأنها حالة لا تخص الإسلام والمسلمين.
   وبالعودة إلى تلك المطبوعة والرغبة في الاشتهار والترويج لذاتها عبر الإساءة والتحريض على كراهية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أقول إنه استخدام غير محسوب للحرية وقلب للطاولة في وجه الحرية ذاتها، وتسبب في إعطاء مد وزخم هائل للأصوليات الدينية والعرقية في العالم، كما أنه يوفر لها مبررا عند الأفراد ليعودوا إلى ساحة الفعل بأقوى مما هي عليه، وكل قارئ للتاريخ يعلم ما يمكن أن ينتج حين يترك الفعل لهذه الأصوليات التي لا تعرف في منطقها سوى القضاء على الآخر ولا تعرف لغة سوى لغة الدم والدمار .
   كما أنني ألفت انتباه سفراء دولة الدنمارك الذين يتفقون معي إلى أن إرث الصراع الديني أختفى إلى حد ما ظاهرياً على الأقل، ولكن ما قامت به الصحيفة من إثارته، وإعادته إلى الساحة ورفض الاعتذار في البداية كان تغذية مستمرة ظاهرة ومستترة مزودة بالتاريخ والأيديولوجيا لهذا الصراع، ولقد ظهرت ملامحه جلية في تلك الاستفتاءات التي أكدت على رفض الشارع الدنماركي تقديم الصحيفة أي اعتذار، وصحيح أن الخطابات والاعتذارات الرسمية التي جاءت متأخرة تتبرأ من هذا المنطق، ولكن الدعوة للمظاهرة ضد الإسلام والقرآن من قبل الشعب الدنماركي في العاصمة (كوبنهاجن) أثبتت أن المبادئ الإنسانية والسلم والتعايش لا زالت أكثر هشاشة خصوصاً مع المحيط العربي الإسلامي، وبالتالي أجد أن ما حدث يصب في مصلحة المتطرفين الأكثر عداءً للحوار بين الأديان، وتقريب وجهات النظر بين الشعوب المختلفة دينياً المشتركة إنسانياً، لأن هذا الأمر على وجه الخصوص يهدد وجودهم ويسحب البساط من تحت أرجلهم .
   أما الأمر الآخر الذي يتفقون جميعاً عليه فهو أن الحريات الدينية إحدى المنجزات الغربية التي أكدت وتؤكد حدين أساسيين: الأول: أن لكل فرد الحق في اعتناق الدين الذي يريده. أما الثاني: أن ليس لأحد أن يجبر الآخر على اعتناق دين معين وليس له الحق أيضاً في الانتقاص أو السخرية من دين أو معتقد الآخر. هذه المبادئ وإن كانت مترسخة دستورياً وعملياً إلا أن ما عبرت عنه تصريحات البعض منكم أكدت على إيمانكم بعكس ذلك خصوصاً إذا تعلق الأمر بالإسلام ورموزه .
   أما كلمتي لأبناء الامة الإسلامية في هذه القضية، المسألة الحساسة والهامة التي حظيت باهتمام العالم أجمع هذه الأيام أضعها بصيغة التساؤل التالي : لماذا التطاول والاستهزاء دائماً بأمة الأسلام فقط دون غيرها من الأمم ؟ وهي الأمة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس، حيث قال تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) الآية 110 سورة آل عمران، وهل أمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وصلت من الضعف والوهن إلى هذا الحد لكي يتطاول عليها كل من هب ودب وكل ناقص عقل ودين لتحقيق مأرب في نفسه، وليظهر للعالم بأنه قوي وأنه رقم مؤثر في خارطة العالم لأنه استطاع التهجم على الأمة الإسلامية لينال رضى واستحسان الغرب والمنظمات الصهيونية والقوى المعادية للأمة في العالم، وبذلك يكون قد حققمكاسب دنيئة على حساب الأمة الإسلامية.
   إن هذه الحادثة الأليمة وغيرها من الحوادث المشابهة المؤسفة مؤشر خطير ودلالة قاطعة لنا على أن واقعنا الحالي الذي وصلنا إليه ووضعنا الراهن يبرهن بأننا أصبحنا من المستضعفين في الأرض، ولقمة سائغة للجميع يلتهمها كيف ومتى ما شاء، وأننا أمة ضعيفة في أعين الآخرين ولحق بنا من الفرقة والشتات والوهن والضعف بتناحرنا وقتلنا لبعضنا البعض، وبتجاهلنا للمبادئ والقيم التي دعانا لها سيد الخلق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كمن "قدم اللحمة للقط" فنحن الذي قدمنا اللحمة للقط بسبب بعدنا عن أسباب القوة والمنعة فيدلاً من أن نكون قدوة واحدة متماسكة ومتعاونة ومتعاضدة أصبحنا نعيش في حالة فرقة دائمة وحروب مما جلب وسهل الاعتداء علينا من كل صوب .
   إن هذا الوضع المزري لحالة الأمة الإسلامية اليوم يقودنا إلى ضرورة العودة إلى الأسس والثوابت والقيم التي قام عليها ديننا الإسلامي الحنيف، والتي علمنا إياها نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن الإصلاح لمواجهة كافة التحديات والتغلب على الصعاب والعقبات والأزمات التي تعترض مسيرة هذه الأمة لن تتحقق إلا من خلال اتباع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، واقتفاء أثر السنة النبوية المطهرة لأنه لا صلاح لحال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولذلك لا بد لنا من التقيد بتعاليم الدين الاسلامي جميعها لأنه دين الفصل وليس بالهزل ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والتأسي بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - المطهرة والاستفادة من الدروس والعبر في هذه المسيرة العطرة لأفضل خلق الله حتى يتحقق لنا التراحم والتضامن والتكافل والتعاون والتواصل والتناصر فيما بيننا في كافة أرجاء المعمورة .
   ورغم دعمي وتأييدي التام لحملة المقاطعة الاقتصادية الواسعة للمنتجات الدنماركية التي سادت جميع الدول العربية والإسلامية لنصرة الرسول الكريم الذي يجب علينا نصرته وتعزيزه وتوقيره وقبول ما جاء به من عند الله الأمر الذي أعاد الأمل بتضامن هذه الأمة على كل ما يجرح كرامتها ويسيء إلى قيمها الإسلامية الثابته، ولأنها تمثل كذل ورقة ضغط على الحكومة والصحيفة الدنماركية لتقديم الاعتذار الرسمي للأمة الاسلامية وهذا ما تحقق، إلا أنني أطالب في الوقت ذاته بضرورة تطبيق تعاليم الدين الاسلامي التي بلغها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو خير من أدى الرسالة وبلغ الأمانة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والاستفادة مما زخرت به السيرة النبوية من دروس وعبر وصبر وحكمة وتعاون على البر والتقوى لتعود لنا العزة والمنعة والقوة ولنتمكن من مواجهة مثل هذه الأعمال الآثمة بكل قوة وحزم والتصدي للتحديات العالمية الراهنة والتيارات المضادة التي تحاول النيل من مقدرات هذه الأمة ولكي نضرب أيضاً أروع الأمثلة في العالم بأننا حقاً خير أمة أخرجت للناس وأمة الوسطية والعدل والإنصاف استجابة لقوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) الآية 143 سورة البقرة .
   ولإصلاح الأمة الإسلامية والإحسان إليها لا بد لنا من دراسة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعمق في فقهها وفهم دروسها وربطها بالأجيال المسلمة وجعلها القاعدة الصلبة في إقامة المجتمع المسلم المثالي المبني على طاعة الله ورسوله وعلى التعاون والمحبة بين المسلمين جميعاً، لا سيما أن سيرة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام تحمل معاني عظيمة، وتعد مدرسة متكاملة ينبغي الاستفادة منها والتأسي بها استجابة لقوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيْ رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الآية 21 سورة الاحزاب . فقد ضرب لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -  أروع الأمثلة في التعامل مع الاعداء، ومن قرأ سنة الرسول الكريم القولية ممثلة في الأحاديث النبوية أو سنته العملية ممثلة في تعامله مع أصحابه الكرام وأعداء الإسلام يدرك جيداً كرم الرسول، ففي الحديث الذي روته السيدة عائشة - رضي الله عنها - خير دليل على ذلك فقالت : استأذن رهط من اليهود على النبي فقالوا للنبي : السام عليك، فقلت : بل عليكم السام واللعنة، فقال الرسول : يا عائشة : إن الله يحب الرفق في الأمر كله. قلت : أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال قلت : وعليكم .
   فهؤلاء اليهود من سوء أدبهم لووا ألسنتهم، وحرفوا الكلام، بدلاً من أن يقولوا : اسلام عليك. قالوا السام، أي الموت والهلاك، ولكن الرسول الكريم من حسن أدبه وعظمة خلقه، لم يرد أن يجعل من ذلك معركة، بل رد بهذه الكلمة النبيلة قائلاً : (وعليكم) أي الموت مكتوب على كل البشر، علينا وعليكم، ثم علم السيدة عائشة هذا الأدب الرفيع، أدب الرفق في التعامل حين قال لها :(يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) فهكذا كانت أخلاق الرسول في التعامل حتى مع ألد الأعداء لأنه يحمل رسالة إلى الجميع عنوانها الهداية وإنقاذ البشرية من الظلمات إلى النور وإصلاح الإنسانية جمعاء حيث قال تعالى :( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الاية 28 سورة سبأ .
   وحدثتنا السيرة كذلك عن حسن خلق الرسول وأدبه وكرم خصاله ونبل شمائله عندما تعرض في الطائف إلى العذاب، وكان ذلك من أشد الأيام عليه حتى أن وصف ذلك اليوم بأنه أشد عليه من يوم (أحد) الذي قتل فيه (70) من الصحابة وكسرت رباعية الرسول - صلى الله عليه وسلم- وشج رأسه عندما دعا أهل (الطائف) إلى الإسلام ولم يستجيبوا له وقاموا بضربه وتعذيبه أشد العذاب حتى جاءه جبريل عليه السلام وقال له الآن يأتيك ملك الجبال فمره بما شئت، فقد جاء ملك الجبال عليه السلام فيقول : إن الله أمرني أن أطبق عليهم الأخشبين (أي الجبلين الكبار في الطائف) إلا أن الرسول رفض ليقول : لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله أو يوحده، وقد حدث ذلك حيث خرج من الطائف أجل وأفضل أصحابه .
   وأؤكد أننا في أمس الحاجة للاستفاذدة من تلك الدروس والعبر القيمة التي استفاد منها سلف هذه الأمة، إذ لا عز لنا إلا بالعودة إلى الله تعالى والتمسك بشريعته وتطبيقها خير التطبيق بكل عدل وإنصاف لقوله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) الاية 2 سورة المائدة، ولأننا من خلال تقيدنا بتعاليم شرع الله سنقدم للعالم أجمع قيماً حضارية جليلة ومبادئ سامية تساهم في تخليص شعوب الدنيا من التخبط ومعالجة العديد من قضايا الانسانية المتمثلة في السلم والأمن والاستقرار وقضايا الفقر والأمراض وحقوق الأنسان، حيث قال تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) الايتات 3 و 4 سورة قريش . فكل استراتيجيات الدنيا ومؤتمرات العالم تهدف إلى تحقيق السلم والأمن والدوليين ومعالجة الجوع والفقر، فترى كيف عالج الإسلام هذه المشكلات عندما ربطها بالعبادة الخالصة لله عز وجل رب البيت العتيق .
  وأدعو جميع المسلمين إلى الاجتهاد في تعريف جميع البشرية بالاسلام والتفاني في نشر الدين الاسلامي وتعاليمه السمحاء، وما جاء فيه من منافع عظيمة للإنسانية وأن يدافعوا عن مبادئه القيمة بكل غال ونفيس، لأنه خاتم الرسالات ودين عالمي جاء لعموم البشر أبيضهم وأسودهم، عربهم وعجمهم وأنه دين رحمة للعالمين يقدم الخير للبشرية حيث قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الاية 107 سورة الانبياء. والإيمان بكتابة المطهر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وتهد الله بحفظه من التغيير والتبديل ليبقى مشعلا مضيئاً تستهدي به البشرية في مسيرتها الدائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، حيث قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الاية 9 سورة الحجر.
   وإنني على يقين أن إيمان المسلمين بعالمية دينهم وتطبيق أحكامه في كافة مجالات حياتهم ومعاملاتهم اليومية وعلاقاتهم مع الآخرين بما فيها علاقاتهم الدولية بمنحهم حصانة وقوة ومنعة وحماية من دعوات التمييز والكراهية التي تستهدف الدين الإسلامي والنبي العظيم الهوية الحضارية للإسلام وأبناء هذه الامة الذين يواجهون حالياً الاضطهاد والتفرقة وانتهاك حقوق الإنسان باسم محاربة الإرهاب العالمي.
   وعلينا أن نوضح للعالم أجمع مبادئ الإسلام في الخير والرحمة والتعاون والعدل وأن نبين الحلول التي جاء بها الدين الاسلامي لمواجهة الموبقات وتفشي المخدرات والانحلال الخلقي الذي يخل بالأمن الاجتاعي للشعوب مع ضرورة إبراز الجانب الأخلاقي في الإسلام والتعريف به وترسيخ مبادئه وقيمه التي على رأسها أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل ليتمم مكارم الأخلاق، ونقل جميع هذه المعاني والقيم إلى العالم الخارجي في شكل صور ونماذج وأمثلة رائعة تساهم في جذب الشعوب الأخرى إلى الإسلام لتفادي حملة العداء المستعرة على الإسلام .
  وختاماً .. أدعو الله العلي القدير أن يعز دينه، ويعلي كلمته ونصر الإسلام وأهله، ويجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، ويؤلف بين قلوب المسلمين، ويدفع عنهم أسباب التحلل والانحراف والفتن ما ظهر منها وما بطن ويخزي أعداء الله ورسوله الذين توعدهم في قوله حيث قال تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) الاية 95 سورة الحجر، وقال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الاية 61 سورة التوبة . وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) صدق الله العظيم (الاية 57 سورة الاحزاب) .


حفيد الجدين
تركي بن بندر
4 فبراير 2006
   

السبت، 19 مايو 2012

بسم الله الرحمن الرحيم

مادام في السماء من يحميني . . فليس في الآرض من يكسرني .. !! تويتر والمغردون ووجة نظر شخصيه من تجربه لأشهر !

تويتر الفيس بك قوقل المدونات الشبكات العنكبوتيه الانترنت نوافذ وعوالم واكوان لاتنتهي ولاتقف عند حد وماانا بصدده اليوم هو تويتر والمغردون والتغريد ورائيي المتواضع البسيط من خلال تجربتي وخبرتي القليله المتواضعه عن عالم الانترنت ونواقذه المتعدده السهلة الممتنعة ونافذة تويتر نافذه تختصر كثيراً من الجهد ولكنها تعتصر الكثير من الادارك وسرعة البديهه وهي تطل بكل المغردين ومتلقي التغريد على حقيقة أعماق وخفايا المغرد والآخرين وتري الجميع مانتوقعه ومالم نتوقعه بالآخر وهي مجال كبير حسب الاستخدام والهدف وامكانية تنمية معلوماتك وتجولك من خلال نافذتك التويتريه ورؤيتك حسب قدراتك الحسيه والاستيعابيه لتفهم او تسئ الفهم باافكار المستخدمين الآخرين وهناك من وجهة نظري المتواضعه فئتين من النوافد والمستخدمين والمغردين والمتلقين:

الفئة الاولى: هي فئة تتمتع باالفكر والادب والعقل والفلسفات المتعدده من طرق ورؤى وطروحات تثري المستخدم وتطور من وعيه واطلاعه وتختصر له الزمن والوقت وقد يجد بها بعض الحلول الجيده والمفيده وغيرها من التواصل الممتاز مع اصحابها ليختصر على نفسه وذاته المسافات والوقت ويستقر على اهداف تجعل منه عمقاً وحاجه اجتماعيه يستفيد منها من حوله وهؤلاء الفئة غالباً مايكونوا من المفكرين والدعاة والعقلاء والكتاب المبدعين والفنانين المتميزين برسالتهم الفنيه باانواعها والادباء المعبرين باادبهم وشعرهم وكلماتهم عن مافي نفوس الآخرين والرياضين المؤثرين بخلقهم وتاريخهم وغيرها من من هم على سياقهم وانا احبب هذه الفئه او من هم من يحببها.

الفئه الثانية: هي للأسف متناقضة تماماً عن الفئة الاولى فهم لا يتمتعوا بااي ميزة تجعلهم مقبولين او مستمع لهم فتجدهم دائمي الثرثره بما يخصهم او لايخصهم ودائمي الهجوم على انسان مميز او حتى مؤدب لانهم يشعروا باالنقص والقله امام هؤلاء الفئة الاولى وبدل من ان يحاولوا السعي للوصول الى مستواهم او اعلى منهم تجده من جهلهم وسفاهتهم وقلة وعيهم وادبهم يصطنعوا الاقاويل والاكاذيب على الناس ممن هم من الفئة الاولى وهو ينشط حولهم ليراه الآخرين فهو يعي انه غير مرئيي ويعتقد انه وبجهله اذا ازدراء احد او فضح آخر انه تميز وهو باالحقيقة بل انحدر الا مستوى ادنى من الدون وهؤلاء تصدر منهم ومن انفاسهم وكتاباتهم ريحاً نتنه وقذره توازي مايسطرون وما يكتبون وهم بنظري مرضى وقد اسميتهم (قرادة تويتر) او (جراثيم تويتر) وهؤلاء اناس لاوجود لهم باالواقع وجبناء جداً بحياتهم الطبيعيه وقد يكونوا مقموعين او يعانون من كل مايكتبونه وينسبونه لغيرهم وهم اشجع باالانترنت لانهم تحت اسماء مستعاره او حتى بااسمائهم الحقيقه هم وما يكتبوا هذا هو واقعهم وماتوصلوا له ليقولوا للفئة الاولى رغم علمهم وعلم الكل ان الفئة الاولى مثل الجمال التى لاترى كماً من القراد قد تعلق تحت ذيلها او ارجلها وانصحهم ان يعوا لانفسهم قبل ان تقتلهم ريحهم النتنه وكتاباتهم القذره واحقادهم الشاذه والله يشفيهم ولك ياعزيزي القارئ ان تقرر من تفتح نافذتك عليه وله ومن تقفلها عنه لترتد ريحه وسمومه ومايسطر ويكتب على نفسه النتنه والله اعلم . . . .!!



                                        اخوكم حفيد الجدين
تركي بن بندر بن محمد بن عبد الرحمن ال سعود

الثلاثاء، 8 مايو 2012

رسالة من بلاد الواق الواق "2-2"



أيها القارئ الكريم، في "الحلقة الأولى" وبعد أن استعرضت معك الرسالة التي وصلتني من السيد/ (واق بن ذكر الواقي) والتي يشرح فيها ما يتعرضون له من ظلم واضطهاد وتعذيب وغياب للعدالة وجور من الظالمين في بلادهم (واق الواق) بسبب قولهم كلمة الحق ، ونصرة الحق، والإلتحاق بدين الهدى والرحمة والحق.

أود أولاً أن أؤكد لك أخي/ واق الواقي ..وأنت أيها القارئ العزيز..

أن النفس البشرية منذ ولادتها وحتى وفاتها وانتقالها إلى بارئها الأصل فيها أن تتعرض لمشاكل وعقبات وأزمات في عالم مليء بالظلم والقهر والطغاة ..وأنا أؤكد وأقول على أن الأصل والمفترض ذلك ،ولكن المسألة تكمن في ردة فعل الإنسان الذي يتعرض لهذا الظلم وهنا ندخل في قوة تحمل هذا الإنسان فالبعض يسخط ويكفر بالله الواحد الأحد بسبب جرح بسيط في احد أصابع يديه..والبعض منا تجده يتعرض لظلم بحجم وبقساوة الجبال وتجده متفائلا فرحا بهذه الحياة مرتاح الضمير ينام قرير العين يردد قول الإمام الشافعي "رحمة الله" :

أمطري لؤلؤا جبال سرنديب 
وفيضي آبار تكرور تبرا

أنا إن عشت لست اعدم قوتا 
وإذا مت لست اعدم قبرا

همتي همة الملوك ونفسي 
نفس حرا ترى المذلة كفرا 

وإذا مانفعت بالقوت عمري
فلماذا أزور زيد وعمرا

أيها القارئ الكريم ..أخي/ واق الواقي ..

إن المصائب والمحن من الطبيعي أن يتعرض لها الإنسان في هذه الحياة ولكن المسألة تكمن في مدى ارتباطه وتعلقه ببارئة وإيمانه بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك.. ان هذا الواقع المرير والوضع المزري الذي تشهده يا (ابن الواق) في الوقت الراهن ببلادكم "واق الواق" يجب أن تأخذه على انه امتحان من الله ان صبرت وشكرت فقد ظفرت بأبي أنت وأمي..ما تتعرض له يا(أبن الواق) يجب أن لا يغيرك عن دينك ،ومبادئك وقيمك الانسانية..يجب أن لا يجعلك تفكر كثيرا في الهروب بعيدا عن الحق ويدفعك إلى الانتقام والإساءة للآخرين وظلم أبرياء مساكين ليسوا سوى عبيدا مأمورين لا حول لهم ولا قوة ..ان الله أخبرنا في قصة فرعون ان الاضطهاد والاستبداد والتمييز لا يستمر ولن يدوم مهما على أصحابه واستكبروا..سيأتي يوما وينقلب السحر على الساحر يا (أبن الواق)..سيأتي يوما ويقذف أليم جثة "فرعون" منتفخة متفسخة..ألم يقل أنا ربكم الأعلى ولا أريكم إلا ما أرى..فلعنة الله على "فرعون" ومن ناصره واستنصره على ظلمه.

أخي / واق الواقي..

لقد قرأت رسالتك عشرات المرات..رسالة تحترق لها القلوب وتتفطر من شدة الحزن الصدور.. إنني أؤكد لك يا (أبن الواق) انه لا يخفى علينا ولا على أحد من البشر قسوة الظلم ومعاناته ، ولذلك يبقى الحديث عن العيش في سلام ومحبة ووئام مجرد حلم عابر لنائم في ليلة شتوية أمطارها غزيرة على ارض جرداء لا حقيقة له في الوجود ذلك النائم حين يفيق..إذا لم يرافقه العمل الجاد والمخلص لتحقيقه والوصول إليه ولا يكون ذلك إلا من خلال الرجوع إلى الله والتمسك بكتابة .

أخي/ واق الواقي..

إنني اتفق معك أن المستقبل الزاهر والواعد بالتقدم والتحول والتغيير إلى الأحسن وإحقاق الحق وشمول العدل والنهضة التنموية الشاملة والعزة لن يغني شيئا ولا يجدي نفعا إذا لم يصاحب هذه الأفكار والرغبات العمل الجاد لصناعة ذاك المستقبل المنشود والقضاء على كافة المعوقات التي جعلتكم تعيشون في حالة من الوهن والذل والضعف والتخبط والبناء على الوهم وملاحقة السراب..أبدأ أولا بنفسك وسترى أن الجميع سيأتي وراءك..صدقني فذلك جاء من تجربة.

أخي/ واق الواقي ..

أسأل نفسك هل الإيمان المسيطر على نفسك والموجه الحقيقي لأخلاق وسلوك من معك كما كان زمن بدايات الدعوة المحمدية..كما كان في صدر بلال بن رباح وياسر بن عمار..وغيرهم..إذا لم يكن كذلك أخي/ واق الواقي فأعمل أن تجعله كذلك أنتبه فأنا أخشى ما أخشاه أن يصبح إيمانهم إيماناً (جغرافياً) بحكم ولادتهم في أرض المسلمين أو إيماناً (وراثياً) يأخذونه عن آبائهم كما يرثون الأموال والعقارات ولذلك أصبح إيماناً مخدراً نائماً لا تأثير له ولا حيوية فيه لا يورث القوة ويعطي هيبة النفس ولا العزيمة ولا العزة، مجرد كلمة من خمسة حروف تكتب في جواز السفر بخط صغير.. لقد كشف الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته عن الأسباب العميقة للضعف والهوان حين تهون على أعدائها في قوله الشريف :((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن. قالوا وما الوهن؟ أي ما سببه وما سره قال: حب الدنيا وكراهية الموت)) صدق الرسول الكريم بتلخيصه لحقيقة مبعث الوهن الحقيقي وسر الضعف الأصيل أن يخلد المرء إلى دنياه الخاصة، فيعيش عبداً لها مطواعاً لأوضاعها الرتيبة، أسيراً لقيودها الثقيلة، تحركه الشهوات كالخاتم في الإصبع، وتسيره الرغائب المادية ليكون عبدا لها يتحرك في مدار محدود، فاقد الهدف معصوب العينين فالحذر الحذر من ان تصبحوا كذلك في بلادكم "واق الواق" سوف يستدرجون منكم ضعفاء الأنفس الذين يرضون الذلة والعار ..أولئك الذين لا يعرفون معنى الكرامة والعز سيغرونهم بالمال الرخيص القذر للوشاية بكم والإساءة لكم وتشويه الصورة ..وحتى رفع المدية عليكم وطعنكم من الخلف فانتبهوا من هؤلاء فإنني أخوف ما أخاف عليكم منهم..أحذر ألف مرة "ياواق الواق"..تجنبوهم لا تثقون بأيمانهم فآيات المنافقين جاءت في القرآن محذرة منهم أكثر من الآيات التي وردت في "فرعون" الذي كان مجرد واجهة قذرة لموجه اسمه "هامان" لعنة الله على فرعون وهامان.

أخي/ واق الواقي..

لا شك أن (حب الدنيا) هو الذي يجعل الإنسان..وحتى السلطان وملك الزمان في عرشه في عيني عبداً ضعيفاً رخو العود أمام شهوة يطمع في نيلها أو نديم يخشى أن يفضحه أو حاشية تعينه على سرقاته ونزواته.

ثم إن كراهية الموت هي التي تجعل الأفراد والجماعات يؤثرون حياة ذليلة على موت كريم، يؤثرون حياة يموتون فيها كل يوم موتات عدة يفضلونها على أن يموتون موتة واحدة بعزة وكرامة لله رب العالمين يحيون بعده حياة الخلود مصداقة لقوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاَّ خوف عليهم و لا هم يحزنون}.

أخي/ واق الواقي..

إن الأزمة التي تمر بها في بلادكم (واق الواق) هي أزمة مزمنة تعود إلى انطفاء جذوة التسامح والعدل والمحبة والإيثار بين الناس وقبول الأديان الأخرى والمذاهب والطوائف والرأي الآخر وقول الحق فالله خلق الأرض بهذه الصورة فلماذا يريدون ان يغيروها ..لماذا يكذبون نهار ويتآمرون عليك في الليل..أتدري لماذا (يا واق الواق)؟ لأنهم أولا منافقين وثانيا جبناء يخشون مواجهتكم..شاهدهم يتحدثون عن العدالة والتسامح وحب الخير أمام الملأ أما في إنصاف الليالي أعلم أنهم يحيكون جرائمهم ضدك يضعون الخطط ويرسمونها..فلا تقلق نم قرير العين حين يكون حبلك موصول مع الله ..نم قرير العين حين يكون ضميرك مرتاح..ادع في صلاتك أخي / واق الواق اللهم لا تكلني على نفسي ..اللهم لا تجعلني أظلم أو أظلم . 

أخي/ واق الواقي..

أتدري ما لمصيبة أنهم لا يقرأون التاريخ ولا يستفيدون من تجاربه القريبة والبعيدة التي سطرتها الكتب التي اشتروها ليزينوا بها مكتبات منازلهم وبيوتهم وقصورهم..حتى سنن الله في أرضه وبين عباده وخلقة لا يعونها ولا يتدبرونها..فالظلم لا يدوم والإنسان المظلوم المقهور له كلمته في لحظة غفلة تنزل كالصاعقة حين يتمادى الظالم ..ان الإنسان مهما كان لا يقبل ان يساق لا يقبل ان يقاد كقطعان الماشية التي تتبع الراعي..حتى القطعان التي لا عقل لها حين يقودها الراعي إلى ارض جرداء أو منحدر ستقف وتسأله وتحاسبه وتتمرد على قيادته وقد تتحداه..وتحاكمه وتصدر بحقه حكما بالإعدام..وهذا وما يستحق لأنه هو من حكم على نفسه بهذه النهاية حين دخل في نفق الزهو والغرور بممارسات الظلم والتسلط على الآخرين. 

أخي/واق الواقي..

ما نشهده اليوم من استمرار الظالم والجاهل المستبد بأفعاله الشريرة هو وجود المنافقين والدجالين أجهل الناس واحقدهم على الناس المتعطشين لشرب دماء الناس من حولهم بل ان البعض استعان بأعداء دينه وأمته لتثبيت وتمكين بقاءه مع الظالم وهذا بأبي وأمي يا (ابن الواق) هو الذي أضاع الحق إلى أجل لكنه مسمى.

فما ترونه اليوم وتعانيه يا (ابن الواق) ليست أساسه اختلاف الأفكار والسياسات والمبادئ والقيم فقط بل أيضاً هناك اختلاف الأهواء والأغراض والمصالح وتقاطعها فالمتكبرين والمتغطرسين المستعلين في الأرض يحاصرون ويسحقون من تتقاطع مصالحهم مع مصالحه لا يقبلون بأن يقف أحد في وجه خططهم ومشاريعهم التي بناها في عقولهم وزين صورتها الشيطان "خنزب" حين يرفعون أيديهم تكبيرا في صلاتهم ؟

يقولون عن كل أفعالهم وجميع مشاريعهم انها لمستقبل الأجيال واستثمار من أجل الأجيال، وأنها بناء للغد والحقيقة يعرفها جميع من حضر أولئك الذين يصفقون لهم حين يقصون ذلك الشريط الأخضر..فويل هؤلاء الذين لا يراقبون الله، ولا يخافون سوء الحساب في سبيل بناء مصالحهم الشخصية،وطموحاتهم اللاانسانية .

أعانكم الله أخي/ واق الواقي على ما انتم فيه ، وأود منك ان شعرت بالضعف والوهن ان لا تتردد بأن تهاجر وتأتي إلى ديارنا فنحن ولله الحمد لدينا كل شيئ على أحسن ما يرام ..الجميع هنا متمسك بكتاب الله وسنة رسله..فلا ظلم ولا نفاق ولا كذب صحيح ان هناك قضايا يقدمها بعض المواطنين على بعض وذلك ليملؤون وقت فراغهم ومع ذلك تنجزها المحاكم بأسرع وقت..لا بل أن المحاكم من مثالية العاملين فيها كان لها دور أهم وأكبر قال لي: (بدران شاه خان) وهو سيرلانكي يعمل في محل إصلاح إطارات السيارات (بنشرجي) حين ذهبت لإصلاح سياراتي قصة إسلامه التي كانت على النحو التالي:

يقول (بدران) انه أشتكى أحد المواطنين في المحكمة ذات يوم ،وأنه ما كاد يخرج من باب المحكمة إلا وهاتفه النقال يرن وإذا على الخط موظف من المحكمة يبلغه بأن الحكم صدر وان وثيقة الحكم (الصك) جاهزة..يقول (بدران خان): ذهبت إلى الطابق الأول لأستلم وثيقة (صك) الحكم من الموظف إلا أن الموظف حين دخلت نهض وهو يبتسم ورحب بي وقال لي: ان القاضي رفض إلا أن يسلمها لك بنفسه وان لا تأخذها إلى من يده ، يقول: دخلت على القاضي: رحب بي ورد السلام وكان مبتسما وشكرني على الحضور للمحكمة وأكد لي أنه مرحب بي في أي وقت،وان الإسلام دين العدل وأنه لا يقبل الظلم حتى على المسيحيين ثم أتصل القاضي بنفسه بالضابط المسئول وقال له : الحكم الصادر ينص على أن يتم استدعاء الخصم فورا لديكم بالقسم وتنفيذه لإلتزاماته التي نص عليها الحكم، وبالفعل سحب الضابط هاتفه النقال من جيب بنطاله العلوي واتصل بمرجعه وطالب بتعميم اسم خصمي على كافة الدوريات ، وما كاد يفعل ويغلق هاتفه حتى جاءه اتصال هاتفي يقول له : أنه تم إلقاء القبض على ذلك الخصم وأن سيكون في قسم الشرطة بعد عشر دقائق ، يقول (بدران خان): خرجت مع الضابط الذي أصر أن آتي معه إلى القسم بسيارته وكان لبق يكرر الاعتذار لي عن ما صدر من مواطنه وانه لا يقبل ذلك لكائن من كان وان العدل وإحقاق الحق هدفه وحياته حرصا على سلامة المواطنين والوطن..وبالفعل في مركز الشرطة وجدنا الخصم الذي اعترف بكافة حقوقي ودفعها لتنتهي القضية..وبعد ان قرأت عن الإسلام وخصوصا قصة سيدنا علي رضي الله عنه عندما تخاصم مع اليهود وشاهدت بأم عيني سماحته وعدله قررت أن اسلم وأسلمت بالفعل..وصار اسمي الآن "بدر الدين شلهوب خان راجو"

أخي / واق الواقي..

أما المسئولين من وزراء ووكلائهم والقيادات التي تليهم مخلصين لنهج قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وللأمانة التي أوكلت إليهم فتوصياته وتوجيهاته عاملين على تحقيقها ليل نهار..فالمبالغ الضخمة والميزانيات المهولة التي استلموها لتنفيذ الخطط والمشاريع التي رسموها وتقدموا بها لمجلس الوزراء انطلقت في كل الاتجاهات وعلى قدم وساق وفي وقت زمني قياسي..قال لي صديق سافر على طريق الشمال أنه وجد وزير النقل والمواصلات بنفسه وبسيارته الخاصة يتفقد أداء الشركات التي تزفلت هناك يقول صديقي أنه شاهد الوزير وكيف نزل بنفسه وأخذ يقيس سمك ونوعية المواد المستخدمة في الزفلته والتأكد انها مطابقة للعقد وشروطه على ذلك الطريق وحين أكتشف خلل بسيط طالب فورا بطرد المهندسين المشرفين على تنفيذ المشروع بعد التحقيق معهم وعرض المواد على مختبر لتثبيت والتأكد من حقيقة التهمة الموجهة لهم بالتقصير..وطالب الشركة المنفذة بوقف العمل فورا حتى التأكد من صحة تورطها في عملية الخلل والتقصير ومن ثم الإخلال بالعقد..يقول لي صديقي أنه فوجئ بهذا الوزير لأنه قبل يوم شاهده على التلفاز في اجتماع مع الأهالي لمدينة كانت تقع في الجنوب..وأن هذا الوزير ضغط على شركة لمسئول كبير في الدولة فأنجزت المشروع قبل موعد الانتهاء التي وردت في عقد إرساء المشروع على الشركة بستة شهور..ما أروع الوزراء والمسئولين في بلادي.

أخي/ واق الواقي.. 

هل تعلم أن المواطنين لدينا لا وقت لديهم لكثرة زيارات المسئولين وسؤالهم عن أحوالهم..؟!! وهل تعلم انك لا تجد وزير لدينا إلى ويرفض أن يشرف على أي مشروع غيره..الكل يخاف الله فينا نحن المواطنين منهم ولله الحمد وحتى أدق التفاصيل والتقارير وأحوال الناس ..المعاملات في الدوائر الحكومية لا يستطيع المواطنين اللحاق بها من سرعة انجازها..سمعت أن مواطن تعلم لعبة البيسبول الأمريكية.. أتدري لماذا ؟!! ليستطيع إمساك معاملاته بفن وإتقان حين يتم إعادتها له في الحال..فما يكاد المراجع يسلمها للموظف المختص حتى يتم رميها علية بعد ان يكون الموظف قد أنهى المعاملة ووقع عليها حتى الوزير حتى ..وقبل ان يخرج المراجع من باب الدائرة التي يراجعها يريد أن يلتقطها بفن فهو لم يكن يجيد فن إمساك المعاملات مثل بقية أشقاءه المواطنين ..ولا يريد ان يكلف على الدائرة وموظفيها بالنزول معه وتسليمه للمعاملة بعد انتهاءها .

أخي/ واق الواقي..

لا تقلق إذا كان ليس معك مال فلدينا سوق أسهم عال العال..تعال واستثمر وستجد أن رصيدك بين عشية وضحاها قد تضخم وتنفخت أدراجه..فالمسئولين عن السوق كفاءات مثل صيف "جدة" غير استطاعت ضبط السوق والسيطرة على المتلاعبين ومعاقبتهم واحدا تلوا الآخر حتى أنني سمعت أن خبراء بورصة نيويورك، وداوو جونز، ونيكاي، وسوق لندن وول ستريت: جاؤوا جميعهم للإستفادة من أسلوبنا وسياستنا في إدارة السوق ودقة التحكم فيه وكيفية طريقتنا في ضبطه ..حتى أننا الآن أصبحنا بدون فقير أو مديون فالأثرياء زاد ثراءهم والفقراء أصبحوا أثرياء..والبنوك لا تطلب أي مواطن أو إنسان لدينا. 

أخي/ واق الواقي..

التحق وتعال معنا يا(أبن الواقي) لترى بأم عينك كيف تمشي في مدن والناس مبتسمة لك بل شاهدت احد أصدقائي طائرا في السماء وحين نزل سألته : كيف يطير ومنذ متى ؟! قال لي صديقي وهو يضحك: بُعثت فيني طاقة جديدة وفائضة عن الحاجة بسبب شدة الفرح مما اضطرني للطيران لتفريغ شحناتها ..فتعال يا (أبن الواقي) لنطير سويا في بلادي..


بقلم / تركي بن بندر *
2006

السبت، 5 مايو 2012

صاحب المكس


من الأحاديث التي جاءت في ذكر المكس :
1- (أن امرأة يعني من غامد أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني قد فجرت ، فقال: "ارجعي" ، فرجعت ، فلما كان الغد، أتته فقالت: لعلك أن تردني كما رددت ماعز بن مالك! فوالله إني لحبلى، فقال لها: "ارجعي" فرجعت، فلما كان الغد أتته ، فقال لها : "ارجعي حتى تلدي"، فرجعت ، فلما ولدت أتته بالصبي ، فقالت: هذا قد ولدته، فقال لها: "ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه" ، فجاءت به وقد فطمته وفي يده شيء يأكله ، فأمر بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين ، وأمر بها فحفر لها ، وأمر بها فرجمت ، وكان خالد فيمن يرجمها ، فرجمها بحجر فوقعت قطرة من دمها على وجنته ، فسبها ،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "مهلا يا خالد! فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له" ، وأمر بها فصلى عليها ودفنت).رواه أحمد ومسلم وأبوداود والنسائي في الكبرى.عن بريدة – رضي الله عنه-.
2-(لقد تاب توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه) رواه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس – رضي الله عنهما- ورواه البزار عن أنس –رضي الله عنه- قال عنه الألباني في (ضعيف الجامع): " ضعيف جدا". ، ثم حسنه في الصحيحة (3238).

3-(لا يدخل الجنة صاحب مكس) رواه (حم د ك) عن عقبة بن عامر ، وضعفه الألباني – رحمه الله تعالى – في (ضعيف الترغيب والترهيب) و (ضعيف الجامع الصغير).
4- (من اعتذر إليه أخوه بمعذرة فلم يقبلها ، كان عليه من الخطيئة مثل صاحب مكس!) رواه ابن ماجه ، والضياء عن جودان ، وضعفه الألباني في (ضعيف الجامع).
قال العلامة النووي في الحديث الأول :
[قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَة لَوْ تَابَهَا صَاحِب مَكْس لَغُفِرَ لَهُ).
فِيهِ : أَنَّ الْمَكْس مِنْ أَقْبَح الْمَعَاصِي وَالذُّنُوب الْمُوبِقَات ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ مُطَالَبَات النَّاس لَهُ وَظِلَامَاتهمْ عِنْده ، وَتَكَرُّر ذَلِكَ مِنْهُ وَانْتِهَاكه لِلنَّاسِ وَأَخْذ أَمْوَالهمْ بِغَيْرِ حَقّهَا وَصَرْفهَا فِي غَيْر وَجْههَا]اهـ.
وقال صاحب (عون المعبود) :
[ (صَاحِب مَكْس): فِي الْقَامُوس : الْمَكْس النَّقْص وَالظُّلْم ، وَدَرَاهِم كَانَتْ تُؤْخَذ مِنْ بَائِعِي السِّلَع فِي الْأَسْوَاق فِي الْجَاهِلِيَّة ، أَوْ دِرْهَم كَانَ يَأْخُذهُ الْمُصَّدِّق بَعْد فَرَاغه مِنْ الصَّدَقَة اِنْتَهَى . وَقَالَ فِي النِّهَايَة : هُوَ الضَّرِيبَة الَّتِي يَأْخُذهَا الْمَاكِس وَهُوَ الْعَشَّار اِنْتَهَى . وَفِي شَرْح السُّنَّة : أَرَادَ بِصَاحِبِ الْمَكْس الَّذِي يَأْخُذ مِنْ التُّجَّار إِذَا مَرُّوا مَكْسًا بِاسْمِ الْعُشْر ، فَأَمَّا السَّاعِي الَّذِي يَأْخُذ الصَّدَقَة وَمَنْ يَأْخُذ مِنْ أَهْل الذِّمَّة الْعُشْر الَّذِي صُولِحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ مُحْتَسِب مَا لَمْ يَتَعَدَّ فَيَأْثَم بِالتَّعَدِّي وَالظُّلْم اِنْتَهَى]اهـ.
وقال العلامة العبّاد في شرح سنن أبي داود :
[قوله: [ (فقال: مهلاً يا خالد ! فوالذي نفسي بيده! لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له) ]. يعني: لا تسبها فإنها تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، وهذا يدلنا على خطورة المكس، وعلى خطورة عقوبة صاحب المكس، وهو الذي يأخذ الضرائب من الناس في غير حق، فإنه يكثر خصومه يوم القيامة، ويكثر الآخذون من حسناته يوم القيامة؛ لكونه قد ظلمهم، وقد جاء في حديث المفلس الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس الذي لا درهم عنده ولا متاع)، أرادوا مفلس الدنيا، وهو عليه الصلاة والسلام أراد مفلس الآخرة، فقال: (المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، فيعطى لهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار)، فهو يدل على شدة عقوبته، وعلى عظم جرمه، وذلك لكثرة خصومه وكثرة من ظلمهم، وأنهم يخاصمونه يوم القيامة ويأخذون من حسناته أو يطرح عليه من سيئاتهم، ولهذا مثل به النبي صلى الله عليه وسلم].اهـ.
وقال العلامة العبّاد في الحديث 3 :
[وصاحب المكس فسر بأنه الذي يأخذ من سلع الناس ومن الأشياء التي يبيعونها، والمكس هو النقص؛ سمي بذلك لأنه ينقصهم ويأخذ منهم شيئاً لا يجب عليهم، فيكون ذلك مكساً أي: نقصاً في حقهم، وهذا ظلم لهم. وقيل: إن المقصود من ذلك: أنه يأخذ منهم زيادة على الزكاة، فيأخذ شيئاً غير واجب يختص به الساعي، وهذا ظلم، ولعل هذا هو وجه إيراد أبي داود لهذا الحديث في باب السعاية؛ لأن السعاية حق، وأخذ الأجرة على ذلك سائغ، وقد جاء في القرآن ما يدل عليه، وكذلك جاء في السنة ما يدل عليه، والمكس أن يأخذ العامل شيئاً غير الواجب لنفسه أو للدولة، وهذا ظلم وغير سائغ وغير جائز]اهـ.
وقال العلامة العباد في الحديث السابق(3):
[قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الله القطان عن ابن مغراء عن ابن إسحاق قال: الذي يعشر الناس يعني: صاحب المكس ]. أورد المصنف هذا الأثر عن ابن إسحاق وفيه تفسيره للمكس، قال: الذي يعشر الناس أي: يأخذ العشر من أموالهم ظلماً بدون حق، هذا تفسير ابن إسحاق لصاحب المكس في قوله في الحديث المتقدم: (لا يدخل الجنة صاحب مكس). وهذا الأثر يقال له: مقطوع في علم المصطلح؛ لأن الإسناد الذي ينتهي إلى من دون الصحابي يقال له: مقطوع، وإذا كان ينتهي إلى الصحابي يقال له: موقوف، وإذا كان ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع، والمقطوع من صفات المتون بخلاف المنقطع فإنه من صفات الأسانيد، يقال: إسناده منقطع إذا كان في رجال الإسناد سقوط راوٍ أو أكثر، وأما المقطوع فهو الإسناد الذي انتهى إلى من دون الصحابي]اهـ.
السؤال:
ما حكم الضرائب والجمارك؟ 
الجواب:
( الضرائب هي نفس المكس، ولا يجوز للتاجر أن يكذب على أصحاب الضرائب، ولكنه إذا استعمل التورية فلا شك أن هذا سائغ، وأيضاً الجمارك مكس لا تجوز)اهـ.
العلامة العباد .من شرح سنن أبي داود.